تابع آدب ذكر الله
وإذا كان الإيمان شجرة باسقة جذورها العقيدة الصحيحة بالله،وفروعها العمل الصالح النافع،وثمارها الأخلاق الكريمة الطيبة،فإن ماءها الذي تسقى به والذي فيه استمرار حياتها إنما هو ذكر الله تعالى وعَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صل الله عليه وسلم - « مَثَلُ الَّذِى يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِى لاَ يَذْكُرُ مَثَلُ الْحَىِّ وَالْمَيِّتِ » رواه البخاري [14].
وعَنْ كَعْبِ الأَحْبَارِ،قَالَ:"مَا مِنْ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ،وَلَوْلا ذَلِكَ مَا أَمَرَ النَّاسَ بِالصَّلاةِ وَالْقِتَالِ،أَلا تَرَوْنَ أَنَّهُ قَدْ أَمَرَ النَّاسَ بِالذِّكْرِ عِنْدَ الْقِتَالِ ؟ فَقَالَ: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةٍ فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " ". [15]
ومن بين شرائع الإسلام الحقة انتقى منها معلمها الأول أنفعها وأكثرها ضرورة للتمسك به،والثبات عليه،فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ رضى الله عنه أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ شَرَائِعَ الإِسْلاَمِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَىَّ فَأَخْبِرْنِى بِشَىْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ. قَالَ « لاَ يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ». رواه الترمذي) [16]. كيف لا وذاكر الله تعالى جليس ربه الذي يفيض عليه من علمه وحكمته ومراقبته بحسب صلته به وقوة توجهه إليه،قال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ} (152) سورة البقرة.
يَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ بِأَنْ يَذْكُرُوهُ فِيمَا افْتَرَضَهُ عَلَيهِمْ مِنْ طَاعَةٍ وَحَمْدٍ وَتَسْبِيحٍ وَقِرَاءةِ قُرْآنٍ،لِيَذْكُرَهُمْ فِيمَا أُوْجَبَ لَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ الكَرِيْمَةَ مِنْ إِدَامَةِ النِّعَمِ وَالفَضْلِ،وَلِيُجْزِلَ لَهُمُ الثَّوَابَ،وَيُفِيضَ عَلَيهمِ الخَيْرَاتِ ( أَيِ اذكُرُونِي بِطَاعَتي،أَذْكُرْكُمْ بِمَغْفِرَتي )،وَأَمَرَ اللهُ المُؤْمِنِينَ بِالشُّكْرِ لَهُ،وَوَعَدَ الشَّاكِرِينَ بِمَزِيدٍ مِنَ الخَيْرِ وَالبَرَكَاتِ،وَنَهَاهُمْ عَنِ الكُفْرِ بِالنِّعْمَةِ . [17]
عَنْ كَرِيمَةَ بِنْتِ الْحَسْحَاسِ،قَالَتْ:سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ فِي بَيْتِ أُمِّ الدَّرْدَاءِ يُحَدِّثُ،عَنِ النَّبِيِّ صل الله عليه وسلم ،قَالَ:قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتعالى: أَنَا مَعَ عَبْدِي مَا ذَكَرَنِي وَتَحَرَّكَتْ بِي شَفَتَاهُ." رواه ابن حبان [18]
وعَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صل الله عليه وسلم: إِنَّ " ذِكْرَ اللهِ شِفَاءٌ وَإِنَّ ذِكْرَ النَّاسِ دَاءٌ " رواه البيهقي [19]
وعَنْ مَاهَانَ الْحَنَفِيِّ قَالَ: " أَمَا يَسْتَحِي أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ دَابَّتُهُ الَّتِي يَرْكَبُهَا،وَثَوْبُهُ الَّذِي يَلْبَسُ أَكْثَرَ ذِكْرًا لِلَّهِ مِنْهُ قَالَ: وَكَانَ لَا يَفْتُرُ مِنَ التَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ " [20]
وعن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: قُلْتُ لِعُمَيْرِ بْنِ هَانِئٍ: " أَرَى لِسَانَكَ لَا يَفْتُرُ مِنْ ذِكْرِ اللهِ فَكَمْ تُسَبِّحُ فِي كُلِّ يَوْمٍ ؟ قَالَ: مِائَةَ أَلْفٍ إِلَّا أَنْ تُخْطِئَ الْأَصَابِعُ " [21]
وعن ثَابِتَ الْبُنَانِيِّ،قَالَ: قَالَ فُلَانٌ: " إِنِّي لَأَعْلَمُ حِينَ يَذْكُرْنِي رَبِّي "،قَالُوا: وَتَعْلَمُ حِينَ يَذْكُرُكَ رَبُّكَ ؟ قَالَ: " نَعَمْ،إِذَا ذَكَرْتُهُ ذَكَرَنِي "،قَالَ: " وَإِنِّي لَأَعْلَمُ حِينَ يَسْتَجِيبُ لِي رَبِّي "،قَالُوا: وَتَعْلَمُ حِينَ يَسْتَجِيبُ لَكَ رَبُّكَ ؟ قَالَ: " نَعَمْ "،إِذَا وَجَلَ قَلْبِي،وَاقْشَعَرَّ جِلْدِي،وَفَاضَتْ عَيْنَايَ،وَفُتِحَ لِي فِي الدُّعَاءِ فَثَمَّ أَعْرِفُ أَنِّي قَدِ اسْتُجِيبَ لِي " [22].
وعَنْ سَلْمَانَ،قَالَ: " إِذَا كَانَ الرَّجُلُ يَدْعُو اللهَ فِي السَّرَّاءِ،فَنَزَلَتْ بِهِ الضَّرَّاءُ فَيَدْعُو فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: صَوْتٌ مَعْرُوفٌ مِنْ آدَمِيٍّ ضَعِيفٍ،كَانَ يَدْعُو فِي السَّرَّاءِ،فَيَشْفَعُونَ لَهُ ؛ وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ لَا يَدْعُو اللهَ فِي السَّرَّاءِ فَنَزَلَتْ بِهِ الضَّرَّاءُ فَدَعَا فَيَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: صَوْتٌ مُنْكَرٌ مِنْ آدَمِيٍّ ضَعِيفٍ كَانَ لَا يَدْعُو فِي السَّرَّاءِ فَنَزَلَتْ بِهِ الضَّرَّاءُ فَلَا يَشْفَعُونَ لَهُ " [23]
وذكر الله تعالى هو العاصم من الوقوع في الخطايا،وهو الوازع للنفس يكفها عن غفلتها وميلها إلى الباطل،واتباعها للهوى،قال تعالى { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28) } الكهف.
وَاجْلِسْ مَعَ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ،وَيَحْمَدُونَهُ وَيُسَبِّحُونَهُ،وَيَسْأَلُونَهُ مِنْ فَضْلِهِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً،وَهُمُ المُؤْمِنُونَ مِنْ عِبَادِ اللهِ،سَواءً كَانُوا أَغْنِيَاءَ أَوْ فُقَرَاءَ ( وَيُقَالُ إِنَّ هذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي أَشْرَافِ قُرَيْشٍ حِينَ طَلَبُوا مِنَ النَّبِيِّ صل الله عليه وسلم أَنْ يَجْلِسَ مَعَهُمْ وَحْدَهُمْ،وَأَنْ لاَ يُجَالِسِ الفُقَرَاءَ وَالضُّعَفَاءَ مِنَ المُسْلِمِينَ ).ثُمَّ يَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ الكَرِيمَ بِأَنْ لاَ يُجَاوِزَ هؤُلاَءِ المُؤْمِنِينَ إِلَى غَيْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِ الشَّرَفِ وَالثَّرْوَةِ،وَبِأَنْ لاَ يُطِيعَ مَنْ شُغِلَ بِالدُّنْيا عَنِ الدِّينِ،وَعَنْ عِبَادَةِ اللهِ،وَمَنْ تَجَاوَزَ فِي أَعْمَالِهِ حُدُودَ اللهِ،وَتَمَادَى فِي ارْتِكَابِ المَعَاصِي وَالآثَامِ،وَكَانَ مُفْرِطاً سَفِيهاً فِي أَمْرِهِ . [24]
وذكر الله تعالى هو العمل المرتجى للنجاة من عذاب الله تعالى،إذ أن أشد العذاب الذي يصيب الإنسان إنما يأتيه بسبب الغفلة عن الله،وما وقع من وقع،ولا زل من زل،ولا أذنب من أذنب إلا بسبب غفلته عن الله تعالى قال الله عز وجل:{ وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36)} الزخرف
وَمَنْ يَتَغَافَلْ وَيَتَعَامَ عَنِ القُرْآنِ،وَعَنْ ذِكْرِ اللهِ تَعَالَى،وَيَنْهَمِك فِي المَعَاصِي،وَلَذَّاتِ الدُّنْيَا وَشَهَوَاتِهَا.. فَإِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ عَلَيْهِ شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالجِنِّ فَيَكُونُونَ لَهُ قُرْنَاءَ،يُزَيِّنُونَ لَهُ ارْتِكَابَ المَعَاصِي،وَالاشْتِغَالَ بِاللَّذَّاتِ،فَيَسْتَرْسِلُ فِيهَا فَيَحِقُّ عَلَيْهِ غَضَبُ اللهِ وَعِقَابُهُ . [25]
وقال تعالى:{ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى (126)} طه.
وَمَنْ خَالَفَ أَمْرِي،وَكَفَرَ بِمَا أَنْزَلْتُ عَلَى رُسُلِي،وَأَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي وَتَنَاسَاهُ فَسَتَكُونُ مَعِيشَتُهُ فِي الدُّنْيَا ضَنْكاً لاَ طُمَأنِينَةَ لَهُ فِيهَا،وَلاَ يَنْشَرِحُ فِيهَا صَدْرُهُ،بَلْ يَبْقَى صَدْرُهُ ضَيِّقاً حَرِجاً،بِسَبَبِ ضَلاَلِهِ.وَمَا لَمْ يَخْلُصِ الهُدَى وَاليَقِينُ إِلَى قَلْبِهِ،فَإِنَّهُ سَيَبْقَى فِي قَلَقٍ وَحِيرَةٍ وَشَكٍّ،وَيَحْشُرُهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى البَصَرِ وَالبَصِيرَةِ،قَدْ عَمِيَ عَلَيْهِ كُلُّ شَيءٍ إِلاَّ جَهَنَّمَ،لأَنَّ الجَهَالَةَ التِي كَانَ فِيهَا فِي الدُّنْيا تَبْقَى مُلاَزِمَةً لَهُ فِي الآخِرَةِ.فَيَرُدُّ اللهُ تَعَالَى عَلَى هَذَا المُتَسَائِلِ مُبَيِّناً:لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَيْكَ رُسُلَنَا بِآيَاتِنَا فَأَعْرَضْتَ عَنْهَا،وَتَنَاسَيْتَهَا،فَكَذَلِكَ نُعَامِلُكَ اليَوْمَ مُعَامَلَةَ المَنْسِيِّ،فَتُتْرَكَ فِي النَّارِ [26] .
وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ صل الله عليه وسلم: مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ مِنْ عَمَلٍ أَنْجَى لَهُ مِنَ النَّارِ مِنْ ذِكْرِ اللهِ،قَالُوا:يَا رَسُولَ اللهِ،وَلاَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ،قَالَ:وَلاَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ،إلا أن تَضْرِبُ بِسَيْفِكَ حَتَّى يَنْقَطِعَ،ثُمَّ تَضْرِبُ بِهِ حَتَّى يَنْقَطِعَ ثَلاَثًا." [27]
وعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ،عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صل الله عليه وسلم قَالَ:مَا عَلَى ظَاهِرِ الأَرْضِ مِنْ بُنْيَانٍ هُوَ أَنْجَى لِامْرِئٍ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ رَجُلٌ:وَلاَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟ قَالَ:وَلاَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَإِنْ ضَرَبْتَ بِسَيْفِكَ حَتَّى يَنْقَطِعَ " [28]
وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،قَالَ:قَالَ النَّبِيُّ صل الله عليه وسلم: أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ،وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ،وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِعْطَاءِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ،وَأَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ،وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ ؟ قَالُوا:وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ وَقَالَ:ذِكْرُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ،وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ:مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ أَنْجَى لَهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ" [29].
ومجالس الذكر التي يجتمع عليها الذاكرون،فتلتقي أرواحهم في بوتقة واحدة،ويستمد ضعيفها من قويها،وتستمد جميعها من مصدر الخير والكمال والفضل والعطاء،والنور والهدى والإيمان،هي رياض الجنة،ومجالس الرضوان قال تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (28) سورة الكهف.
واصبر نفسك -أيها النبي- مع أصحابك مِن فقراء المؤمنين الذين يعبدون ربهم وحده،ويدعونه في الصباح والمساء،يريدون بذلك وجهه،واجلس معهم وخالطهم،ولا تصرف نظرك عنهم إلى غيرهم من الكفار لإرادة التمتع بزينة الحياة الدنيا،ولا تُطِعْ من جعلنا قلبه غافلا عن ذكرنا،وآثَرَ هواه على طاعة مولاه،وصار أمره في جميع أعماله ضياعًا وهلاكًا. [30]
وعَنِ الأَغَرِّ،قَالَ:أَشْهَدُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ،وَأَبِي هُرَيْرَةَ،أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صل الله عليه وسلم ،أَنَّهُ قَالَ:مَا جَلَسَ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ،إِلاَّ حَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ،وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ،وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ،وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ. رواه مسلم [31].
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ صل الله عليه وسلم: إِنَّ لِلَّهِ مَلاَئِكَةً فُضُلاً عَنْ كُتَّابِ النَّاسِ،يَمْشُونَ فِي الطُّرُقِ،يَلْتَمِسُونَ الذِّكْرَ،فَإِذَا رَأَوْا أَقْوَامًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى تَنَادَوْا:هَلُمُّوا إِلَى حَاجَاتِكُمْ،فَيَحُفُّونَ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ،فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ جَلَّ وَعَلاَ،وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ،فَيَقُولُ:عِبَادِي مَا يَقُولُونَ ؟ فَيَقُولُونَ:يَا رَبِّ،يُسَبِّحُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ،فَيَقُولُ:هَلْ رَأَوْنِي ؟ فَيَقُولُونَ:لاَ،فَيَقُولُ:كَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي ؟ فَيَقُولُونَ:لَوْ رَأَوْكَ لَكَانُوا أَشَدَّ تَسْبِيحًا وَتَمْجِيدًا وَتَكْبِيرًا وَتَحْمِيدًا،فَيَقُولُ:مَاذَا يَسْأَلُونَ ؟ فَيَقُولُونَ:يَسْأَلُونَكَ يَا رَبِّ الْجَنَّةَ،فَيَقُولُ لَهُمْ:هَلْ رَأَوْهَا ؟ فَيَقُولُونَ:لاَ،فَيَقُولُ:كَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا ؟ فَيَقُولُونَ:لَوْ قَدْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ طَلَبًا وَأَشَدَّ حِرْصًا،فَيَقُولُ:فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ ؟ فَيَقُولُونَ:يَتَعَوَّذُونَ بِكَ مِنَ النَّارِ،فَيَقُولُ:فَهَلْ رَأَوْهَا ؟ فَيَقُولُونَ:لاَ،فَيَقُولُ:كَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا ؟ فَيَقُولُونَ:لَوْ قَدْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ تَعَوُّذًا،فَيَقُولُ:فَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ." [32]
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،عَنْ رَسُولِ اللهِ صل الله عليه وسلم ،قَالَ:إِنَّ لِلَّهِ مَلاَئِكَةً فُضُلاً عَنْ كُتَّابِ النَّاسِ،يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ،يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ،فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا:هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ،فَيَحُفُّونَ بِهِمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا،فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ،فَيَقُولُ:مَا يَقُولُ عِبَادِي ؟ فَيَقُولُونَ:يُكَبِّرُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ وَيُسَبِّحُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ،فَيَقُولُ:هَلْ رَأَوْنِي ؟ فَيَقُولُونَ:لاَ،فَيَقُولُ:فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي ؟ فَيَقُولُونَ:لَوْ رَأَوْكَ لَكَانُوا لَكَ أَشَدَّ عِبَادَةً وَأَكْثَرَ تَسْبِيحًا وَتَحْمِيدًا وَتَمْجِيدًا،فَيَقُولُ:وَمَا يَسْأَلُونِي ؟ قَالَ:فَيَقُولُونَ:يَسْأَلُونَكَ الْجَنَّةَ،فَيَقُولُ:فَهَلْ رَأَوْهَا ؟ فَيَقُولُونَ:لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ،فَيَقُولُ:فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا ؟ فَيَقُولُونَ:لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا عَلَيْهَا أَشَدَّ حِرْصًا وَأَشَدَّ طَلَبًا،وَأَعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً،فَيَقُولُ:وَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ ؟ فَيَقُولُونَ:مِنَ النَّارِ،فَيَقُولُ:وَهَلْ رَأَوْهَا ؟ فَيَقُولُونَ:لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ،فَيَقُولُ:فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا ؟ فَيَقُولُونَ:لَوْ رَأَوْهَا لَكَانُوا مِنْهَا أَشَدَّ فِرَارًا،وَأَشَدَّ هَرَبًا،وَأَشَدَّ خَوْفًا،فَيَقُولُ اللَّهُ لِمَلاَئِكَتِهِ:أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ.،قَالَ:فَقَالَ مَلَكٌ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ:إِنَّ فِيهِمْ فُلاَنًا لَيْسَ مِنْهُمْ إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ،قَالَ:فَهُمُ الْجُلَسَاءُ لاَ يَشْقَى جَلِيسُهُمْ." [33]
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،قَالَ:كَانَ رَسُولُ اللهِ صل الله عليه وسلم يَسِيرُ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ فَمَرَّ عَلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ:جُمْدَانَ،فَقَالَ:سِيرُوا هَذَا جُمْدَانُ،سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ،سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ،قَالُوا:يَا رَسُولَ اللهِ،مَا الْمُفَرِّدُونَ ؟ قَالَ:الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ." [34]
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ،عَنْ رَسُولِ اللهِ صل الله عليه وسلم،قَالَ:يَقُولُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلاَ:سَيَعْلَمُ أَهْلُ الْجَمْعِ الْيَوْمَ مَنْ أَهْلُ الْكَرَمِ،فَقِيلَ:مَنْ أَهْلُ الْكَرَمِ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ:أَهْلُ مَجَالِسِ الذِّكْرِ فِي الْمَسَاجِدِ." ابن حبان [35].
_____________________________________
[14] - صحيح البخارى- المكنز - (6407 )
[15] - تفسير ابن أبي حاتم - (7 / 107) حسن مقطوع
[16] - سنن الترمذى- المكنز - (3702 ) قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ
[17] - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 159)
[18] - صحيح ابن حبان - (3 / 97) (815) صحيح
[19] - شعب الإيمان - (2 / 184) (705 ) صحيح مرسل
[20] - شعب الإيمان - (2 / 185)(706 ) صحيح مقطوع
[21] - شعب الإيمان - (2 / 185) (707 ) حسن مقطوع
[22] - شعب الإيمان - (2 / 383) (1099 )
[23] - شعب الإيمان - (2 / 383) (1100 ) حسن موقوف
[24] - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 2169)
[25] - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 4240)
[26] - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 2437)
[27] - مصنف ابن أبي شيبة - (13 / 455) (36194) صحيح لغيره
[28] - مسند الشاميين 360 - (3 / 394) (2536) صحيح لغيره
[29] - المستدرك للحاكم (1825) حسن
[30] - التفسير الميسر - (5 / 131)
[31] - صحيح ابن حبان - (3 / 136) (855) وصحيح مسلم- المكنز - (7030 )
[32] - صحيح ابن حبان - (3 / 137) (856) صحيح
[33] - صحيح ابن حبان - (3 / 139) (857) صحيح
[34] - صحيح ابن حبان - (3 / 140) (858) صحيح
[35] - صحيح ابن حبان - (3 / 98) (816) ح