52- سئل فضيلة الشيخ: عن قول الإنسان لرجل: (أنت يا فلان خليفة الله في أرضه)؟
فأجاب بقوله: إذا كان ذلك صدقًا بأن كان هذا الرجل خليفة يعني ذا سلطان تام على البلد، وهو ذو السلطة العليا على أهل هذا البلد، فإن هذا لا بأس به، ومعنى لو لنا (خليفة الله) أن الله استخلفه على العباد في تنفيذ شرعه، لأن الله - تعالى - استخلفه على الأرض، والله - سبحانه وتعالى - مستخلفنا في الأرض جميعًا وناظر ما كنا نعمل، وليس يراد بهذه الكلمة أن الله - تعالى - يحتاج إلى أحد يخلفه، في خلقة، أو يعينه على تدبير شيءونهم، ولكن الله جعله خليفة يخلف من سبقه، ويقوم بأعباء ما كلفه الله .
53- وسئل فضيلته: يستخدم بضع الناس عبارة (راعني) ويقصدون بها انظرني، فما صحة هذه الكلمة؟
فأجاب قائلا: لا الذي أعرف أن كلمة: (راعني) يعني من المراعات أي أنزل لنا في السعر مثلًا، وأنظر إلى ما أريد، ووافقني عليه، وما أشبه ذلك، وهذه لا شيء فيها. وأما قول الله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا} [البقرة: 104].
فهذا كان اليهود يقولون (راعنا)، من الرعونة فينادون بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم يريدون الدعاء عليه، فلهذا قال الله لهم: {وَقُولُواْ انظُرْنَا}. وأما (راعني)، ليست مثل (راعنا)، لأن راعنا منصوبة بالألف وليست بالياء.
54- وسئل حفظه الله: ما حكم قول (رب البيت)؟ (رب المنزل)؟
فأجاب: لا قولهم رب البيت ونحوه ينقسم أقسامًا أربعة:
القسم الأول: أن يكون الإضافة على ضمير المخاطب في معنى لا يليق بالله - عز وجل - مثل أن يقول (أطعم ربك) فهذا منهي عنه لوجهين:
الوجه الأول: من جهة الصيغة لأنه يوهم معنى فاسدًا بالنسبة لكلمة رب، لأن الرب من أسمائه - سبحانه- وهو سبحانه يطعم ولا يطعم.
الوجه الثاني: من جهة أنك تشعر العبد أو الأمة بالذي لأنه إذا كان السيد ربا كان العبد مربوبًا والأمة مربوبه.
وأما إذا كان في معنى يليق بالله - تعالى - مثل أطلع ربك كان النهي عنه من أجل الوجه الثاني.
القسم الثاني: أن تكون الإضافة إلى ضمير الغائب مثل ربه، وربها، فإن كان في معنى لا يليق بالله كان من الأدب اجتنابه، مثل أطعم العبد ربه أو أطعمت الأمة ربها ؛ لئلا يتبادر منه إلى الذهن معنى لا يليق بالله .
وإن كان في معنى يليق بالله مثل أطاع العبد ربه وأطاعت الأمة ربها فلا بأس بذلك لانتفاء المحذور.
ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم، في حديث اللقطة في ضالة الإبل وهو حديث متفق عليه (حتى يجدها ربها) وقال بعض أهل العلم أن حديث اللقطة في بهيمة لا تتعبد ولا تتذلل كالإنسان، والصحيح عدم الفارق لأن البهيمة تعبد الله عبادة خاصة بها. قال - تعالى - {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ} [الحج: 18]. وقال في العباد { وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ } [الحج: 18] ليس جميعهـم { وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ }[الحج: 18].
القسم الثالث: أن تكون الإضافة على ضمير المتكلم فقد يقول قائل بالجواز لقوله تعالى حكاية عن يوسف: {إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} [يوسف: 23]. أي سيدي، وإن المحظور هو الذي يقتضي الإذلال وهذا منتف لأن هذا من العبد لسيده.
القسم الرابع: أن يضاف إلى الاسم الظاهر فيقال: هذا رب الغلام فظاهر الحديث الجواز وهو كذلك ما لم يوجد محظور فيمنع كما لو ظن السامع أن السيد رب حقيقي خالف لمملوكه.