الملابس القصيرة
قرأت بخطكم جوابا يقول : للمرأة أن تكشف لمحارمها عن الوجه والرأس والرقبة والكفين والذراعين والقدمين والساقين ، وتستر ما سوى ذلك ، فهل هذا الكلام على إطلاقه خصوصا أن موقفكم حفظكم الله ـ من الملابس القصيرة للأطفال والنساء عموما فأنه لا يجوز ؟
* نحن إذا قلنا يجوز أن تكشف عن كذا وكذا ليس معناه أن تكون الثياب إلي هذا الحد، لنفرض أن المرأة عليها ثوب إلي الكعب ثم انكشف ساقها لشغل أو غير شغل فأنها لا تأثم بهذا إن لم يكن عندها إلا المحارم ، أو لم يكن غير النساء .
أما اتخاذ الثياب القصيرة فإننا ننهي ونحذر منه لأننا نعلم ـ وإن كان جائزا ـ أنه سوف يتدهور الوضع إلي أكثر من ذلك كما هو العادة في غير هذا ، أن الناس يفعلون الشي في أول الأمر على وجه مباح ، ثم يتدهور الوضع حتى ينحدروا به إلي أمر محرم لا إشكال في تحريمه،كما أن قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( لا تنظر المرأة إلي عورة المرأة ) (24) ليس معناه أن المرأة يجوز أن تلبس ما يستر ما بين سرتها وركبتها فقط ولا أحد يقول بهذا ، لكن المعنى أنه لو انكشف من المرأة الصدر وكذلك الساق مع كون الثوب وافيا فإن ذلك لا يحرم نظره بالنسبة للمرأة مع المرأة ، ولنضرب مثلا امرأة ترضع ولدها فأنكشف ثديها من أجل إرضاع الولد ، لا نقول للمرأة الأخرى أن نظرك لهذا الثدي حرام،لأن هذا ليس من العورة ، أما أن تأتي امرأة تقول : أنا ما ألبس إلا سروالا يستر ما بين السرة والركبة فلا أحد يقول بهذا ، و لا يجوز ، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تميمة ـ رحمه الله ـ أن لباس الصحابيات كان من كف اليد إلي كعب الرجل ، هذا إذا كن في بيوتهن ، أما إذا خرجن إلي السوق فمعروف حديث أم سلمة أن المرأة ترخي ثوبها ، فقد رخص لها النبي صلى الله عليه وسلم أن ترخيه إلي ذراع من أجل ألا تنكشف قدماها إذا مشت .
الكشف داخل السيارة
بالنسبة لبعض المعلمات أو الطالبات عندما يركبن في الحافلة أو السيارة لغرض توصيلهن إلي المدارس نلحظ أن بعضا منهن يقمن بكشف وجوههن داخل السيارة ، وحجتهن في ذلك أنه لا يراهن أحد ـ فما رأيكم ؟ وماذا عن السائق الذي يتعهدهن بالتوصيل مع أنهن كاشفات ؟
* كشف المرأة والرجال ينظرون إليها حرام ، ولا يحل سواء كانت معلمة أو طالبة ، وسواء كانت في السيارة أو كانت تمشي في السوق على قدميها ، لكن لو كانت في السيارة لا يراها من كان خلف الزجاج سائرا ، وكان بين النساء والسائق ستره ، فلا حرج عليهن في هذه الحال أن يكشفن وجوههن ، لأنهن كاللاتي في حجرة منفردة عن الرجال .
أما إذا كان الزجاج شفافا يرى من وراءه ، أو كان غير شفاف لكن ليس بينهن وبين السائق حاجز فإنه لا يجوز لهن كشف وجوههن لئلا يراهن السائق أو أحد من الرجال في السوق .
وأجرة السائق ليست حراما ، لأن النساء لم يستأجرن هذه السيارة لأجل كشف وجوههن لكن على السائق أن يأمرهن بتغطية الوجه ، فإن أبين وأصررن على أن يكشفن وجوههن جعل على السيارة ستائر أو يتخذ من الزجاج المحجوب ويجعل بينه وبينهن سترا ، وبذلك يزول المحذور .
السلام على المرأة
ما هدى الإسلام بالنسبة لرد السلام على المرأة وهل تسلم المرأة ؟ وهل يفرق بين المرأة الصغيرة أو المرأة الكبيرة التي لا يخشى منها الفتنة ؟ وما حكم المصافحة وتقبيل الرأس لهن ـ أي العجائز ؟
* الرجل لا يسلم على المرأة ، والمرأة لا تسلم على الرجل ، لأن هذا فتنة ، اللهم إلا عند مكالمة هاتفية فتسلم المرأة أو الرجل بقدر الحاجة فقط ،أو إذا كانت المرأة من معارفه مثل أن يدخل بيته فيجد فيه امرأة يعرفها وتعرفه فيسلم وهذا لا بأس به ، أما أن يسلم على امرأة لقيته في السوق ، فهذا من أعظم الفتنة فلا يسلم .
وأما تقبيل المحارم فتقبيلهن على الرأس والجبهة لا بأس به وتقبيلهن على الخد لا بأس به من قبل الأب ، لأن أبا بكر رضي الله عنه دخل على ابنته عائشة وهي مريضة فقبل خدها ، فهذا لا بأس به ، أما إذا كان من غير البنت فإنه يكون التقبيل على الجبهة وعلى الرأس .
أما مصافحة المرأة غير ذات محرم فأنها حرام ، لأن مصافحتها أبلغ في حصول الفتنة من مشاهدتها ، وأما تقبيل رأس العجائز من ذوات المحارم فلا بأس به ، ومن غير ذوات المحارم فلا تقبلها .
هل يجوز أن يقبل رأس زوجة أبيه ؟
*نعم يجوز لأنها من محارمه .
وهل يجوز أن يصافح بنت زوجته ؟
هذا فيه تفصيل فإن كان قد دخل بأمها فيصافحها إن أمن من الفتنة وإلا فلا .
كيف يكون لها بنت ولم يدخل بها ؟
تكون البنت من غيره من شخص سابق ، ويكون قد عقد عليها ولكن لم يدخل بها، لم يجامعها، وحينئذ لا تكون هذه البنت محرما له .
مسائل خاصة
هناك مسألة تقع كثيرا عند بعض النساء وهي أنهن يقمن بالاستعانة بامرأة أخرى تأتي إلي المنزل لغرض قيامها بإزالة الشعر الذي على البدن والفخذين ، فهل يجوز لهذا المرأة أن تنظر إلي فخذ المرأة التي تزيل شعرها ؟ ثم أن هذا العمل هل يعد من الضرورة ؟
هذه الحالة ليست من الضرورة ، لأن شعر الفخذين والساقين في حلها نظر ، ولأن الشعر من خلق الله وتغيير خلق الله في غير ما أذن الله به من وحي الشيطان ، قال تعالى { ولأمرنهم فليغيرن خلق الله } ( النساء : 119 ) والشعر من خلق الله فلا يزال إلا ما فيما شرعت إزالته كالعانة والإبط ، والشارب بالنسبة للرجل ، فهذا يزال ، أما شعر الساقين والفخذين فهذا لا يزال، لكن لو كان الشعر كثيرا في المرأة بحيث يكون ساقها كساق الرجل فلا بأس أن تزيله ، أما الأفخاذ إذا كثر فيهما الشعر فلا تزيله امرأة أخرى بل تزيله صاحبة هذا الشعر ، لأنه لا حاجة إلي الاستعانة بامرأة ثانية ، فهناك الآن وسائل لإزالة الشعر من دهن أو غيره . بمجرد ما يمسح به الشعر يزول ، فيستعمل هذا لكن بشرط أن يراجع في ذلك طبيب .
وجوب ستر الوجه
بالنسبة لمن تفرط في الحجاب من النساء ما هو جزاؤها ؟ وهل تعذب بالنار يوم القيامة ؟
* إن كل من عصى الله عز وجل بمعصية لا تكفرها الحسنات فإنه على خطر ، فإن كانت شركا وكفرا مخرجا عن الملة فإن العذاب محقق لمن أشرك وكفر بالله،قال تعالى: { إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار}(المائدة 72) . وقال تعالى { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } ( النساء 48 ) . وإن كان دون ذلك ـ أي دون الكفر المخرج عن الملة ـ وهو من المعاصي التي لا تكفرها الحسنات فإنه تحت مشيئة الله عز وجل إن شاء عذبه وإن شاء غفر له .
والحجاب الذي يجب على المرأة أن تتخذه هو أن تستر جميع بدنها عن غير زوجها ومحارمها، لقوله الله تعالى { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين } ( الأحزاب : 59 ) والجلباب هو الملاءة أو الرداء الواسع الذي يشمل جميع البدن ، فأمر الله تعالى نبيه أن يقول لأزواجه وبناته ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن حتى يسترن وجوههن ونحورهن ، وقد دلت الأدلة من الكتاب والسنة والنظر الصحيح والاعتبار على أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها عن الرجال الأجانب الذين ليسوا من محارمها أو زوجها ، ولا يشك عاقل أنه إذا كان على المرأة أن تستر رأسها وأن تستر رجليها وأن لا تضرب برجليها حتى يعلم ما تخفي من زينتها من الخلخال ونحوه ، وأن هذا واجب ، فأن وجوب ستر الوجه أوجب وأعظم ، وذلك أن الفتنة الحاصلة بكشف الوجه أعظم بكثير من الفتنة الحاصلة بظهور شعرة من شعر رأسها أو ظفر من ظفر رجليها . وإذا تأمل العاقل المؤمن هذه الشريعة وحكمها وأسرارها تبين أنه لا يمكن أن تلزم المرأة بستر الرأس والعنق والذراع والساق والقدم ، ثم تبيح للمرأة أن تخرج كفيها ، وأن تخرج وجهها المملوء جمالا وحسنا ، فإن ذلك خلاف الحكمة .
ومن تأمل ما وقع فيه الناس اليوم من التهاون في ستر الوجه الذي أدى أن تتهاون المرأة فيما وراءه حيث تكشف رأسها وعنقها ونحرها وذراعها وتمشي في الأسواق بدون مبالاة في بعض البلاد الإسلامية ، علم بأن الحكمة تقتضي أن على النساء ستر وجوههن ، فعلى المرأة المسلمة أن تتقي الله عز وجل وأن تحتجب الحجاب الواجب الذي لا تكون معه فتنة بتغطية البدن عن غير الأزواج والمحارم .