اللسان من اكبر النعم على الإنسان ومن عجائب
ما خلق الله تعالى
صغر حجمه وكبر جرمه خطير أمره..
إذا لغا أو زل عظيم نفعه إذا ذكر الله أو أمر بمعروف
أو نهى عن منكر يميز به الحلو والمر وغيره من الأطعمة
و الاشربة
هذا العضو هو مصدر أغلب الأعمال التي يقوم بها الإنسان
ويمارسها في حياته....به
يحصد ما زرع إن كان خيراً جزاه الله بالحسنى وإن كان غير
ذلك عاقبه الله بمثله.
وخاصية اللسان لا توجد في سائر الأعضاء فإن العين لا تصل
إلى غير الألوان والصور، والأذن لا تصل إلى غير الأصوات
واليد لا تصل إلى غير الأجسام و المحسوسات.
أما اللسان فحدث ولا حرج.....
فهو رحب الميدان ليس له حدود ولا سرد ولا لمجاله منتهى
إذا صلح كان داعية خير قائده القرآن الكريم والسنة النبوية
المطهرة لنشر السعادة والهدى لجميع الأنام.
وإذا خبث كان سائقه ورائده الشيطان لنشر الشر والفساد
ليحرم عباد الله من فسيح الجنان.
وروى الترمذي وغيره:
(إذا أصبح ابن آدم أصبحت الأعضاء كلها تذكر اللسان أي تقول:
اتق الله فينا فإنك إن استقمت استقمنا وإذا اعوججت اعوججنا)
وكثير من الناس إلا من رحم ربك قد أهملوا وتساهلوا بأمر اللسان
وغفلوا عن خطره وتركوه يرتع كيف يشاء في أعراض الناس
وحيث ما يريد كما يحلو له فتركوا له الحبل على الغارب فأعطوه
الحرية المطلقة وسلك بهم الشيطان في كل ميدان ليهلك الحرث
والنسل فكان جزاؤهم أن أوردهم موارد الهلكة والدمار وفي
الآخرة أشد العذاب وأشنع النكال إلا من أدركه الله برحمته من
قريب وعمِل صالحا واستبدل سيئاته حسنات.
ولاينجو من شر اللسان إلا من قيده بلجام الشرع ولا يتلفظ
إلا فيما ينفعه في الدارين.
إن من وعى وتدبر قول الله تعالى:
( مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد)
- سورة ق 18
إن اللسان يوقع الإنسان في الفتن بما لا يوصف ضرره ويؤدي
إلى إشعال نيران الأحقاد بين الأخ وأخيه وبين المرء وزوجه
وبين الأقارب والأحباب وبين الجار وجاره وكم أوقع نار الحرب
بين قبيلة وأخرى.
إن اللسان أعظم آله يستخدمها الشيطان.
كم خرب من بيوت وأسر كانت عامرة بالحب والحنان والتواد
والتعاطف ومزقها تمزيقا وتركها أشلاء.
كم من قلوب كانت مستقيمة وحطمها وكم يتم من الأطفال الأبرياء
وحرمهم من حنان الأم وعطف ورعاية الأب.. وكم.. وكم..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( لا يستقم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى
يستقيم لسانه) رواه أحمد..
إن على المسلم أن يجعل لسانه رطباً بذكر الله وقراءة القرآن
وأن ينتقي أطايب الكلام كما ينتقي الآكل أطايب الثمار والطعام
لا يقول إلا صدقاً كي يفوز مع من قال الله فيهم:
(قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا
الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ)
المائدة 119
ولا يلفظ إلا عدلاً ولو على نفسه لينال من الله الآجر العظيم ويقرن
القول بالعمل الصالح ..
اللهم سلمنا من حصائد ألسنتنا واغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا