تابع :- تعظيم الرب العلى لقدر الحبيب النبى .
وتدبر معى هذه الكرامة فإن الله جل وعلا قد خاطب حبيبة فأخبره بالعفو عنه قبل الفعل الذى فعله قال سبحانه: {عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ} (43) سورة التوبة. عفا الله عنك فقدم الله العفو عن حبيبه ثم أخبره بفعلته بعد ذلك: {عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ} (43) سورة التوبة، وخصه تبارك وتعالى بالشفاعة العظمى فى الآخرة وهى المقام المحمود الذى ذكره الله فى قوله: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا} (79) سورة الإسراء.
وخصه الله جل وعلا بالوسيلة، والوسيلة هى أعلى منزلة فى الجنة كما فى صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو أن النبى قال: "إذا سمعتم المؤذن يؤذن فقولوا مثلما يقول ثم صلوا على فإنه من صلى على مرة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لى الوسيلة، فإنها منزلة فى الجنة لا تتبغى إلا لعبد، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لى الوسيلة حلت له شفاعتى" ([1]) .
وخصه الله بالكوثر هل تعلمون ما الكوثر؟ حوض أو نهر فى الجنة ماءه أشد بياضاً من الثلج، وأحلى مذاقا من اللبن بالعسل، وطينه- أو طيبه، كالمسك الأذفر وعدد آنيته بعدد نجوم السماء من شرب منه شربة بيد الحبيب المصطفى، لا يقى بعد هذه الشربة أبداً حتى يسعد بالنظر إلى وجه الله فى الجنة الكوثر: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} (3) سورة الكوثر .
ففى الصحيحين من حديث أنس واللفظ للبخارى أن الحبيب النبى
قال: " بينما أنا أسير فى الجنة" دخل النبى الجنة- نعم رأى النبى الجنة فى الدنيا وهو يصلى صلاة الاستسقاء، ودخل النبى الجنة ليلة المعراج والإسراء يقول الحبيب:" بينما أنا أسير فى الجنة إذا أنا بنهر حافتاه= شاطئاه- قباب الدر المجوف فقلت: ما هذا يا جبريل؟ فقال جبريل: هذا الكوثر الذى أعطاك ربك عز وجل" يقول
الحبيب : فإذا طيبه- أو طينه- مسك أذفر" شك هدية([2]).
وفى رواية مسلم من حديث أنس قال المصطفى "حوضى أشد بياضاً من الثلج وأحلى من اللين بالعسل عدد آنيته أكثر من نجوم السماء وإنى لأرد الناس عنه يوم القيامة- أى: من غير المؤمنين، أى من غير الموحدين-كما يرد الرجل إيله عن حوضه"([3]) كما يرد الرجل إبل الناس عن حوضه فقالوا: وهل تعرفنا يومئذ يا رسول الله؟ هل تعرف أمتك من بين سبعين أمة فى أرض المحشر هل تعرفنا يومئذ يا رسول الله؟ فقال المصطفى :" نعم إن لكم يومئذ سيما" أى: علامة تختلفون بها عن كل الأمم " تأتونى أو تردون على غراً محجلين من أثر الوضوء"([4]).
يتبع ... بارك الله فيكم