فصل في حكم حج الصبي الصغير هل يجزئه عن حجة الإسلام؟
يصح حج الصبي الصغير والجارية الصغيرة لما في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة رفعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم صبيا فقالت: يا رسول الله ألهذا حج؟ فقال: ((نعم ولك أجر))، وفي صحيح البخاري عن السائب بن يزيد قال: (حج بي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن سبع سنين).
لكن لا يجزئهما هذا الحج عن حجة الإسلام.
وهكذا العبد المملوك والجارية المملوكة يصح منهما الحج ولا يجزئهما عن حجة الإسلام لما ثبت من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أيما صبي حج ثم بلغ الحنث فعليه أن يحج حجة أخرى، وأيما عبد حج ثم أعتق فعليه حجة أخرى)) أخرجه ابن أبي شيبة والبيهقي بإسناد حسن.
ثم إن كان الصبي دون التمييز نوى عنه الإحرام وليه فيجرده من المخيط ويلبي عنه، ويصير الصبي محرما بذلك، فيمنع ما يمنع عنه المحرم الكبير، وهكذا الجارية التي دون التمييز ينوي عنها الإحرام وليها ويلبي عنها وتصير محرمة بذلك، وتمنع مما تمنع منه المحرمة الكبيرة، وينبغي أن يكونا طاهري الثياب والأبدان حال الطواف؛ لأن الطواف يشبه الصلاة، والطهارة شرط لصحتها.
وإن كان الصبي والجارية مميزين أحرما بإذن وليهما وفعلا عند الإحرام ما يفعله الكبير من الغسل والطيب ونحوهما، ووليهما هو المتولي لشئونهما القائم بمصالحهما، سواء كان أباهما أو أمهما أو غيرهما، ويفعل الولي عنهما ما عجزا عنه كالرمي ونحوه، ويلزمهما فعل ما سوى ذلك من المناسك كالوقوف بعرفة والمبيت بمنى ومزدلفة والطواف والسعي، فإن عجزا عن الطواف والسعي طِيفَ بهما وسعي بهما محمولين، والأفضل لحاملهما ألا يجعل الطواف والسعي مشتركين بينه وبينهما، بل ينوي الطواف والسعي لهما ويطوف لنفسه طوافا مستقلا، ويسعى لنفسه سعيا مستقلا احتياطا للعبادة، وعملا بالحديث الشريف: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك))، فإن نوى الحامل الطواف عنه وعن المحمول أجزأه ذلك في أصح القولين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر التي سألته عن حج الصبي أن تطوف له وحده، ولو كان ذلك واجبا لبينه صلى الله عليه وسلم. والله الموفق.
ويؤمر الصبي المميز والجارية المميزة بالطهارة من الحدث والنجس قبل الشروع في الطواف كالمحرم الكبير، وليس الإحرام عن الصبي الصغير والجارية الصغيرة بواجب على وليهما بل هو نفل، فإن فعل ذلك فله أجر وإن ترك ذلك فلا حرج عليه. والله أعلم.