الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على قائد الغر الميامين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
ما أجمل الكلام عن رجل عظيم ، وعن قدوة مربي ، في زمن قل فيه القدوات الحقة . من حياته نستلهم حياة الطهر والكرامة في وقت الفضائيات التي جاءت على الأخلاق والحياء فنسفتها ونشرت الرذيلة وقلة الحياء والفساد فأخرجت للناس قدوات وهمية وربطتهم بحياة اللهو والمجون . الحديث عن القدوة في زمن التخاذل والجري وراء سراب التبعية المقيتة للأعداء . الحديث عن العظمة بشتى صورها في زمن الاغترار بالأعداء والانبهار بعظمتهم وقوتهم والخوف منهم . الحديث عن رجل أحيا أمة وأعلن دولة وأقام شرعة ، أذل الله به الكفر وأهله ، ونصر به الحق وجنده ، الحديث عن رجل نصر بالرعب مسيرة شهر وجعل رزقه تحت ظل رمحه وجعل الذل والصغار على من خالف أمره ، حديثنا عن رجل الكلمة الصادقة والبيان الصائب والفكرة الهادفة في زمن تسارع فيه خفافيش الظلام وخونة الكلمة وتكلم الرويبضة . إن هذا الرجل الذي نتحدث عنه هو : محمد صلى الله عليه وسلم . كانت حياته صلى الله عليه وسلم حياة أمة وقيام دعوة ومنهاج حياة . وهو عليه الصلاة والسلام أمة في الطاعة والعبادة وكرم الخلق وحسن المعاملة وشرف المقام ويكفي ثناء الله عز وجل عليه : { وإنك لعلى خلق عظيم } . ونحن ـ أهل السنة والجماعة ـ ننزل المصطفى صلى الله عليه وسلم المنزلة الحقة اللائقة به فهو عبد الله ورسوله وصفيه وخليله نهى عن إطرائه والغلو فيه فامتثلنا أمره فلا نبتدع الموالد ولا نقيم الاحتفالات ، بل نحبه كما أمر ونطيعه فيما أمر ونجتنب ما نهى عنه وزجر .
إن فاتنا في هذه الدنيا رؤية الحبيب صلى الله عليه وسلم وتباعدت بيننا الأيام ... فندعو الله عز وجل أن نكون فيمن قال فيهم صلى الله عليه وسلم :
" وددت أنا قد رأينا إخواننا " قالوا : ألسنا إخوانك يا رسول الله ؟ قال : " أنتم أصحابي ، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد
" فقالوا : كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله ؟ فقال : " أرأيت لو أن رجلاً له خيل غر محجلة بين ظهري خيل دُهم بُهم ألا يعرف خيله ؟" قالوا بلى يا رسول الله قال : " فإنهم يأتون غراً محجلين من الوضوء وأنا فرطهم على الحوض " رواه مسلم.
ندعو الله سبحانه أن يجعلنا ممن يتلمس أثره صلى الله عليه وسلم ويقتفي سيرته وينهل من سنته ، وأن يجمعنا معه في جنات عدن ، وأن يجزيه الجزاء الأوفى جزاء ما قدم .