يبدو أننا كعرب تعودنا على ألا نتفق وألا نخرج من أى اجتماع أو مناسبة يجتمع فيها العرب إلا ونهول النقط الخلافية ونصعدها فى وسائل الإعلام لتزداد الأمور اشتعالا لأننا تعودنا بالفعل على عدم السكون والهدوء فلماذا لا نؤمن بأن الخلاف لا يفسد للود قضية وأن الاختلاف هو أمر طبيعى وعادى، وخاصة عندما تكون الأمور بهذه الأهمية وتتعلق بمصير أمة بأكملها وتحدق بها الأخطار من كل اتجاه وهذا ينطبق على القمة العربية الاستثنائية التى أقيمت مؤخرًا فى سرت بناء على قرار من القمة الثانية والعشرون العادية التى أقيمت فى سرت أيضا برئاسة ليبيه وكانت القمة بالفعل قد شهدت مناخًا هادئًا والدليل أنه تم تأجيل البنود التى أثارت جدلا بين الدول العربية إلى قمة استثنائية لدراستها بشكل متأن وكلنا تابعنا القمة الاستثنائية ونحن نعلم تمامًا أن هذين البندين هما البنود الرئيسية وأثناء الاجتماعات التحضيرية للقمة ظهرت الانقسامات واضحة حول البندين، حيث إن الكل وافق على مبدأ تطوير العمل العربى المشترك.. أما إعادة هيكلته وتغيير مسمى جامعة الدول العربية إلى اتحاد للدول العربية أو اتحاد عربى فلم يتم الاتفاق عليه وما زال التشاور قائمًا ومطروحًا فى اجتماعات قادمة وذلك من قرارات القمة الاستثنائية وأيضًا مسالة تكوين رابطة إقليمية مع دول الجوار العربى ومنهم على سبيل المثال، كما طرح عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية تركيا وتشاد وإيران وهى الدولة التى أثيرت حولها أكثر الخلافات نظرًا للعلاقات المتوترة بينها وبين عدد من الدول منها الدول الخليجية ومصر بسبب برنامجها النووى كان واضحًا الخلافات حولها منذ الاجتماعات التحضيرية فى كلمات ومداخلات وزراء الخارجية، وأيضًا اجتماع المندوبين الدائمين وبعد ذلك فى كلمات الرؤساء فرغم عدم الاتفاق على هذا البند إلا أنه لم يتم رفضه بشكل قاطع وترك مفتوحًا هو الآخر على طاولة المفاوضات القادمة والذى أعطى هذا الإيحاء بمناخ التوافق هو عدم تمسك أى اتجاه برأيه أو الرفض القاطع أو الانسحاب أو غيره ومع ذلك تم تفجير أزمات مفتعلة هى قامت بالأساس على خلفية مواقف قديمة فلا القمة اتخذت قرارات قاطعة انفرد بها أصحاب المقترحات ولا المعارضين للاتجاهات امتنعوا عن مناقشة الموضوع بالأساس، حتى أن كلمة الرئيس، حسنى مبارك والتى عبرت عن الموقف المصرى اتخذت اتجاها وسطا فهى مع التطوير، ولكن مع الحفاظ على المسمى، وأيضًا بخصوص رابطة الجوار طرح الرئيس رؤيته فى أهمية أن يكون العرب انفتاحا على كل الكتل الإقليمية وكذلك دول الجوار العربى والمحصلة أن الكل أجمع على ضرورة التأنى والتروى والبحث، والأمور مطروحة للجميع لطرح الملاحظات ومناقشتها من خلال اجتماع لوزراء الخارجية العرب خلال ثلاثة شهور من عقد القمة لمناقشة مقررات القمة وهذا نوع من تفعيل القرارات وتنفيذها، حتى لا يتم وضعها على الأرفف كالعادة وهذا بشكل مبسط ما فهمناه واستشعرناه على أرض الواقع، خاصة أنه كان هناك حرص شديد من جانب الأخ الرئيس، معمر القذافى على نجاح القمة واحتواء أية خلافات وبالفعل خرجت بهدوء رغم كل الأزمات المفتعلة التى أثيرت ويجب أن يعلم الجميع أنه لا وقت للخلافات والانقسامات فى وقت ملىء بالتحديات والأخطار، التى تستهدف العرب
وعلينا بدلا من افتعال الأزمات خاصة أنه لا يستطيع أحد أن يمرر أى مشروع أو مقترح دون إجماع عربى كامل، وهذا ما اتفق عليه فى القمة أيضا وصرح به الوزير أحمد أبو الغيط بأن نسعد ونشغل أفكارنا بالإنجازات التى تحققت مثلا فى القمة العربية الأفريقية الثانية التى أقيمت فى اليوم التالى للقمة الاستثنائية، حيث يحسب للجماهيرية الليبية استضافة قمتين بمثل كل هذا الكم من الضيوف من العرب والأفارقة بنجاح ودقة فى التنظيم ونبذل جهودنا كذلك فى تنفيذ المقررات على أرض الواقع خاصة ما صدر عن القمة العربية الإفريقية تؤكد على الشراكة العربية الإفريقيةة فى كل المجالات والدفع بالاستثمارات العربية فى أفريقيا بأقصى سرعة خاصة أن هناك منافسة دولية على الاستثمار فى هذه الدول خاصة لما تملكه من ثروات طبيعية خاصة بعد الترحيب الأفريقى بالشراكة العربية، والذى جاء بعكس ما كان يثار بأن الأفارقة لا يريدون العرب، وقد قدم الرئيس القذافى لفتة إنسانية رائعة عندما اعتذر للأفارقة عن ممارسات أثرياء العرب فى فترة ما والتى وصفها بالمخجلة من خلال ممارسة العبودية على أهل أفريقيا والاتجار بهم وقد قبل الأفارقة الاعتذار على لسان قادتهم ولتكن هذه القمة انطلاقة جديدة وفعلية بالنسبة للعلاقات العربية الأفريقية التى نحن فى أمس الحاجة إليها أكثر من حاجتهم هم إلينا.