سابع زوجات الحبيب المصطفى عليه افضل الصلاة وازكى السلام هي ام المؤمنين السيدة زينب بنت جحش امرأة من علية نساء قريش، هذب الإسلام نفسها، وأضاء قلبها بنوره وضيائه، واكسبها التقوى والخلق الكريم، فأصبحت درة من الدرر المكنونة نادرة الوجود، وتعتبر سيدة من سيدات نساء الدنيا في الورع والتقوى والجود والتصدق، وقد غدت أما من أمهات المؤمنين بزواجها من النبي ، ومما زادها شرفا وتقديرا وذكرا عند المؤرخين على طول الدهر ذكر قصة زواجها في القرآن الكريم، وبسببها أنزلت آية الحجاب، فرفعت مكانتها وعلت منزلتها في محارب العبادة، وكانت أواهة حليمة ، تصوم النهار وتقوم الليل، وكانت سخية اليد، تجود بكل ما لديها دون أن تبخل أو تتوانى في تقديم العون للفقراء والمحتاجين حتى غدت مثالا عظيما في الكرم والجود والخلق الكريم ، وقد لقبت بألقاب عديدة منها: أم المساكين، ومفزع الأيتام، وملجأ الأرامل، فهي امرأة سباقة إلى فعل الخيرات، ولها سيرة ندية عطرة في تاريخنا الإسلامي ، وبهذا تعتبر السيدة زينب {رضي الله عنها} قدوة عظيمة لكل مسلمة تحتذي بأخلاقها وخصالها النبيلة، وتقتفى أثرها، ويهتدي بهديها، ليكون ذلك سببا لها في الفوز برضا الله تعالى ورضا رسوله .
اسمها ونسبها :
زينب بنت جحش بن رياب بن يعمر بن مرة بن كثير بن غنم بن دوران بن أسد بن خزيمة، وتكنى بأم الحكم. من أخوالها حمزة بن عبد المطلب {رضي الله عنه} الملقب بأسد الله وسيد الشهداء في غزوة أحد، والعباس بن عبد المطلب الذي اشتهر ببذل المال وإعطائه في النوائب، وخالتها صفية بنت عبد المطلب الهاشمية، أم حواري النبي
الزبير بن العوام الأسدي . ولها إخوان هما عبد الله بن جحش الأسدي صاحب أول راية عقدت في الإسلام وأحد الشهداء، والآخر أبو أحمد واسمه عبد بن جحش الأعمى، وهو أحد السابقين الأولين ومن المهاجرين إلى المدينة، ولها أختان إحداهما أميمة بنت عبد المطلب عمة الرسول ،
والأخرى هي حمنة بنت جحش من السابقات إلى الإسلام ."ولدت السيدة زينب {رضي الله عنها} في مكة المكرمة قبل الهجرة بأكثر من ثلاثين سنة"، وقيل أنها "ولدت قبل الهجرة بسبع عشرة سنة". وقد نشأت السيدة زينب بنت جحش في بيت شرف ونسب وحسب، وهي متمسكة بنسبها، ومعتزة بشرف أسرتها، وكثيرا ما كانت تفتخر بأصلها، وقد قالت مرة : "أنا سيدة أبناء عبد شمس".
إسلامهـا:
كانت زينب بنت جحش من اللواتي أسرعن في الدخول في الإسلام، وقد كانت تحمل قلبا نقيا مخلصا لله ورسوله، فأخلصت في إسلامها، وقد تحملت أذى قريش و عذابها، إلى أن هاجرت إلى المدينة المنورة مع إخوانها المهاجرين، وقد أكرمهم الأنصار وقاسموهم منازلهم وناصفوهم أموالهم وديارهم .
أخلاق السيدة الفاضلة وأعمالها الصالحة :
تميزت أم المؤمنين زينب بمكانة عالية وعظيمة، وخاصة بعد أن غدت زوجة للرسول وأما للمؤمنين. كانت سيدة صالحة صوامة قوامة، تتصدق بكل ما تجود بها يدها على الفقراء والمحتاجين والمساكين، وكانت تصنع وتدبغ وتخرز وتبيع ما تصنعه وتتصدق به ، وهي امرأة مؤمنة تقية أمينة تصل الرحم .
كرم السيدة زينب بنت جحش وعظيم إنفاقها:
وهنالك العديد من المواقف التي تشهد على عطاء أم المؤمنين زينب بنت حجش الكبير، وتؤكد على جودها وكرمها، والذي تغدقه على المحتاجين بلا حدود." أخرج الشيخان {واللفظ لمسلم} عن عائشة {رضي الله عنها} قالت: قال رسول الله: " أسرعكن لحاقا بي أطولكن يدا " قالت : فكن (أمهات المؤمنين) يتطاولن أيتهن أطول يدا، قالت : وكانت أطولنا يدا زينب، لأنها تعمل بيدها وتتصدق. وفي طريق آخر: قالت عائشة: فكنا إذا اجتمعنا في بيت إحدانا بعد وفاة الرسول
نمد أيدينا في الجدار نتطاول، فلم نزل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش، وكانت امرأة قصيرة ولم تكن بأطولنا، فعرفنا حينئذ أن النبي إنما أراد طول اليد بالصدقة، وكانت زينب امرأة صناع اليدين، فكانت تدبغ وتخرز وتتصدق به في سبيل الله. عن عائشة {رضي الله عنها} قالت: كانت زينب تغزل الغزل وتعطيه سرايا النبي
يخيطون به ويستعينون به في مغازيهم".
وقالت عائشة فيها :" لقد ذهبت حميدة، متعبدة، مفزع اليتامى والأرامل." قال ابن سعد {رحمه الله} :" ما تركت زينب بنت جحش {رضي الله عنها} درهما ولا دينارا، و كانت تتصدق بكل ما قدرت عليه، وكانت مأوى المساكين ."