(( الوقت هو الحياة ))
وكما تعودنا فسوف ينتظم الموضوع مع حضراتكم تحت هذا العنوان
فى العناصر التالية :
أولاً : قيمة الوقت .
ثانياً : عوائق الاستفادة من الوقت .
ثالثاً : كيف يطول عمرك.
وأخيراً : رسالة إلى القتلة .
فأعيروني القلوب والعقول والله أسأل أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب .
أولا : الوقت هو الحياة
أيها الأحبة الكرام : إن الوقت هو الحياة والعاقل هو الذى يعرف قدر
وقته وشرف زمانه فلا يضيع ساعة واحدة من عمره إلا فى خير للدنيا
أو للآخرة .
فالوقت من أعظم نعم الله ، قال تعالى :
(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً )
[الفرقان : 62]
وليلفت ربنا أنظارنا إلى قدر الوقت وقيمة الوقت أقسم بالوقت فى آيات كثيرة
من قرآنه .
فقال جل وعلا : (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى)
[الليل:1 – 2]
وقال جل وعلا : (وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ)
[الفجر: 1-2]
وقال جل وعلا والعصر إن الإنسان لَفِي خسر إلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) [العصر:1-3]
فالوقت هو العمر .. هو الحياة
العاقل هو الذى يدرك شرف زمانه وقدر وقته ولا تراه فى ساعة من عمره إلا منشغلاً إما بعمل نافع للدنيا وإما بعمل نافع للآخرة .
وها هو نبينا صل الله عليه وسلم يعلمنا أن الإنسان سيسأل عن ساعات عمره وعن أيام عمره كما فى الحديث الصحيح الذي رواه الترمذى عن أبى برذة الأسلمى رضى الله عنه : أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال :
(لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه وعن جسمه فيما أبلاه)
وفى لفظ : ((وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل فيه))(1)
وها هم سلفنا رضوان الله عليهم يعلمون كيف يكون الحرص على الوقت .
فها هو عبد الله بن مسعود رضى الله عنه يقول : ما ندمت على شئ كندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلى ولم يزد فيه عملي .
ولله در القائل : إذا مر بي يومٌ ولم أقتبس هدىً .. ولم أستفد علماً فما ذاك
من عمري .
ويزداد الأمر خطرا إذا علمنا أن من أهم خصائص الوقت أنه يمر مر السحاب ويجرى جرى الرياح ، الأيام تمر والأشهر تجرى وراءها تسحب معها السنين وتمر خلفها الأعمار وتطوى حياة جيل بعد جيل .
وبين يدي الملك الجليل سيعلم الخاسرون الذين خسروا أنفسهم وضيعوا أوقاتهم وأعمارهم سيعلمون وكأنهم ما لبثوا في هذه الدنيا إلا ساعة :
(قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ)
[المؤمنون 118:113]
ومن أهم خصائص الوقت أيضاً أنه إن مضى لا يعود أبداً ولا يعوض كان الحسن البصري رحمه الله يقول : ما من يوم ينشق فجره إلا وهو ينادى بلسان الحال يابن أدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد فاغتنمنى فأنى لا أعود إلى يوم القيامة .
أيها الخيار : الوقت هو أغلى وأثمن رؤوس الأموال ومع ذلك فأننا نرى كثيراً من إخواننا يقتلون الوقت قتل بل ولا يقفون على أخطر العوائق التي تحول بينهم وبين الاستفادة من أوقاتهم وأعمارهم وهذا هو عنصرنا الثاني من عناصر الموضوع :