"يا بلادى يا أحلى البلاد يا بلادى.. فداكى أنا والولاد يا بلادى.. يا حبيبتى يا مصر يا مصر".. هذا المقطع من أحلى أغنية وطنية تغنت به أسطورة مصر الفنانة شادية تذكرتها الآن ومصر فى مفترق الطرق، مصر فإما أن تحترق أو تدخل فى نفق مظلم، مصر تحترق ولا أحد يتحرك والضحايا هم شبابنا الأبرار، ولادنا العظام الذين غيروا تاريخ مصر فى مظاهره 25 يناير السلمية مظاهرة أجبرت الجبروت أن يقدم تنازلات كانت المعارضة الرسمية وغير الرسمية يحلمون بربعها، تنازلات فشل الإخوان والبرادعى وكل الأحزاب فى أن يحصلوا حتى على وعد بالتفكير فيها، ولكن ثوار ميدان التحرير نجحوا فى أن يحصلوا عليها بعد أن سقط عدد كبير من أبناء هذه الأمة، شهداء فداءً لمصر ولتحريرها من كل الطواغيت.
وعلى مدى 8 أيام وقبل أن يعلن الرئيس مبارك وعده بأنه لن يرشح نفسه، وأنه سيجرى تغييرات فى المواد التى ظلت قوى المعارضة لأكثر من 30 عاماً تطالب النظام بتعديلها، كنا جميعاً نرى أن فض مظاهرة الغضب يعنى فشلها، ولهذا دعمنها ووقفنا بجوارها وسنظل نفخر العمر كله بثورة الغضب التى انطلقت شرارتها يوم 25 يناير وسنتغنى ذات يوم بما حققه أبناؤنا من الشباب الطاهر والشريف، الذى لم تلوثه أى تيارات سياسية، فهم فتية أمنوا بوطنهم فزادهم الله قوة للوقف أمام جبروت النظام حتى أجبر رئيسه على أن يقدم هذه التنازلات، التى من الضرورى ألا نهملها أو نراها بسيطة، ففى ظل نظام لم يكن يؤمن فى يوم من الأيام بالمعارضة وبالرأى الآخر - ولكن ثورة الغضب أجبرته وعلمته أن فى دروب مصر شرفاء، وأن شبابها الطاهر هو الحل – فإننى أستطيع أن أؤكد للجميع أن رسالتكم وصلت وأن الجميع يتحرك الآن لتنفيذ مطالبكم بما فيهم السيد الرئيس وأنه من الضرورى أن نقف مع أنفسنا ويكون هناك استراحة محارب، فالمعركة لم تنتهِ ولقد حققتم انتصاراً كبيراً فى أول جولة وهناك جولات أخرى قادمة لهذا علينا التقاط الأنفاس حتى لا يتم ضرب ثورتكم، استغلوا نجاحكم وامنحوا فرصة للساسة، أتيحوا فرصة لمن تختارونهم ليمثلوكم للحوار مع النظام، الذى أرى أن نهايته بالطرق السلمية ستكون أكثر تأثيراً من أن يذهب بعد سقوط المئات من الضحايا من المصريين، سواء من مع النظام أو ضده، فالجميع مصرى وعدونا على الحدود يناور ويتحرك ويعلن حالة رفع درجة الاستعداد، ويجند العملاء لحرق مصر، إنها إسرائيل التى تريد لمصر أن تتحول إلى خراب وأن يتقاتل أبناء الوطن الواحد، وأن يتم تفتيت مصر.
أرجوكم وأستحلفكم بالذى هداكم إلى يوم 25 يناير أن تلتقطوا أنفاسكم وأن تعلنوا ولو مؤقتاً تعليق الإضراب، وأقسم لكم وكما وقفنا جميعاً معكم فى ميدان التحرير، أن نعود مرة أخرى إلى ميدان التحرير وكل ميادين مصر لو لم ينفذ هذا النظام كل مطالبكم، وأن تتحرر مصر وأن تحكم بالديمقراطية، وأن نختار رئيسنا بأنفسنا لا بلطجية حزب ولا مليشيات مرشح.
أدعوكم باسم الإنسانية أن تعلقوا إضرابكم ولو مؤقتاً، وألا تنجرفوا فى معارك دبرها لكم بعض البلطجية لكى تسيل الدماء، ولكى تجعل بعض العملاء يطالبون بالتدخل الأجنبى وغزو مصر فنجد أنفسنا "عراقاً" ثانياً.. أستحلفكم بكل غالٍ لديكم أن تخرجوا من هذه المعركة منتصرين ومحبوبين قبل أن تتحول مصر كلها للفوضى ونجد أنفسنا أمام غزو صهيونى لسيناء، فعدونا يقوم الآن بزرع الفتنة كى يعود لاحتلال ما حرره آباؤكم فى 6 أكتوبر العظيم.
أتوسل إليكم أن تكونوا أرحم على الشعب من هذا النظام الطاغية.. أتوسل إليكم أن تؤجلوا ثأركم من أعدائكم حتى تهدأ الموجة.. أرجوكم أن تفوتوا الفرصة على من يريدها فتنة وطن.. والله أنا منكم وأحبكم وخرجت معكم يوم 25 يناير وجمعة الغضب ومعكم حتى النهاية.. فأنتم قد خرجتم بفطرتكم النقية ولكن هناك من ركب الموجة ودخل على الخط ولكل واحد أجندته الخاصة التى يريد أن يطبقها على جثث إخوانكم الأطهار، لهذا فأنا أدعوكم بالتوقف ولو مؤقتاً.. حتى نحاكم المسئولين ممن تورطوا فى قتل شهداء جمعة الغضب.. انتظروا قليلاً حتى نرى كيف سيتصرف النظام مع كل من اعتدى عليكم اليوم فى ميدان التحرير.
وأنا أعلم أن دعوتى لكم قد تجعل البعض يقول لى لماذا لا تقوم بدعوة النظام أن يتوقف عن العنف ضد هؤلاء المتظاهرين الأشراف؟ وردى هو أننى أعرف أنكم جيل يفهم ويعرف ولديه ثقافة، وعلم على ع..لعديد من أبواق النظام والذين ليس لديهم فهم أو ثقافة، كما أنكم جيل الثورة ولديكم من الخطط البديلة ما ترهقون به النظام، بالعكس من النظام الذى لا يفهم إلا لغة القوة وما أراه الآن أن نخاطب الثوار الذين انتصروا فى جولتهم ضد النظام أن يعطوا فرصة لحكماء الأمة لربما يصلون إلى شىء يرضى الجميع، الرافض للرئيس والمؤيد له، فما حدث اليوم فى ميدان التحرير من حرب وكر وفر بين أبناء الأمة من مختلف مذاهبهم السياسية جعلنى أرى أن مصر لو استمر بها الحال بهذا الشكل لأيام قليلة قادمة فإننا فى طريقنا إلى النفق المظلم وربما إلى التدخل العسكرى من الغرب كما حدث فى العراق.
يا ثوار يناير الآن أنتم الأعلون وعليكم أن تفكروا فى مستقبل الأمة، لأننى أعرف أنكم تحبونها أكثر من مبارك والبرادعى وكل القوى السياسية، التى تراهن على الوصول لكرسى الحكم على جثث أبناء هذا الوطن.. يا ثوار يناير الآن فقط عليكم بالصبر وأن لم ينفذ النظام ما تعهد به أمام كل المصريين والعالم، فإننا إلى ميدان التحرير لعائدون، وإن نفذ فقد أنقذ مصر من فتنة كبرى، فتنة ستأكل الأخضر واليابس.
أنا أعلم أن دعوتى إليكم ربما ستجد رفضاً من بعضكم، خاصة بعد أحداث اليوم من اعتداءات ضدكم، لكن أرجوكم أن تفكروا ولو قليلاً فى نزيف الدم المنتظر أن يتساقط فى يوم الجمعة، فأنتم دعوتم إلى جمعة الرحيل، أى رحيل مبارك وآخرون دعوا لجمعة الوفاء، أى الوفاء لمبارك، وأعتقد أنها ستكون جمعة الدماء أو الشهداء، والخاسر الأكبر هو مصر، وأنا على يقين أنكم تحبون مصر أكثر من كل الأطياف السياسية، بما فيهم أعضاء الحزب الحاكم، لهذا عليكم أن تفوتوا الفرصة على بعض من يريد لمصر الخراب والدمار وعليكم أن تعلقوا اعتصامكم ولو قليلاً، خاصة أن الذى يحكم هو الجيش المصرى الشريف الذى يرفض أن يضرب رصاصة واحدة ضد أى مصرى.
أيها الثوار القرار الآن فى أيديكم، إما أن تتحول مصر إلى جنة وواحة من الديمقراطية أو أن تفرض الأحكام العرفية ويطبق حظر التجول بشكل صارم وتدخل مصر كلها فى نفق مظلم لن تخرج منها أبداً، وتكون فائدة لإسرائيل وأعداء الوطن من الجواسيس والعملاء.. عليكم بالصبر وترك ميدان التحرير ووقف الدعوة لجمعة الرحيل، أو على الأقل تأجيلها لجمعة أخرى ونترك لبعض العقلاء فى المعارضة والنظام للتحاور، ونحن لهم بالمرصاد لو فشلوا فى تنفيذ مطالبكم.. وسلام عليكم وعلى مصر اللهم آمين.