القلب الصادق
أهـــلآ وسـهــلآ بك في منتديآت القلب الصادق يمكنك تسجيل الدخول والمشآركة بالمنتدى أذآ كنت عضو في المنتدى بالضغط على "دخول" بالأسـفـل اما أذآ كنت زآئر و تود التسجيل أضغط على " تسجيل" بالاسفـل .. وأهـلاً بك في منتدانا وانشاء الله تنورنا بوجودك.... http://files03.arb-up.com/i/00282/khak291snhgu.gif
القلب الصادق
أهـــلآ وسـهــلآ بك في منتديآت القلب الصادق يمكنك تسجيل الدخول والمشآركة بالمنتدى أذآ كنت عضو في المنتدى بالضغط على "دخول" بالأسـفـل اما أذآ كنت زآئر و تود التسجيل أضغط على " تسجيل" بالاسفـل .. وأهـلاً بك في منتدانا وانشاء الله تنورنا بوجودك.... http://files03.arb-up.com/i/00282/khak291snhgu.gif
القلب الصادق
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مـــــــوقـــــــع لأصحـــــــاب القــلوب النقيـــه \ تعارف \ صداقه \ حلول \ دردشه \فيديو .
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورمدونه القلب الصادقالتسجيلدخول

 

 باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2)

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
shaban
نائب المدير
نائب المدير
shaban


باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2) 3dflag10
عدد المساهمات : 4132
نقاط : 10850
باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2) Qq20s3
باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2) 13081856540638849130
باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2) 14189276158383104649

تاريخ التسجيل : 14/09/2010
العمر : 45

باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2) Empty
مُساهمةموضوع: باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2)   باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2) I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 10, 2010 2:27 am

عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال‏:‏ قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏لا تجعلوا بيوتكم قبورًا، ولا تجعلوا قبري عيدًا، وصلوا علي، فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم‏)‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏"‏لا تجعلوا‏"‏، الجملة هنا نهي، فلا ناهية، والفعل مجزوم وعلامة جزمه حذف النون، والواو فاعل‏.‏

قوله‏:‏ ‏"‏بيوتكم‏"‏، جمع بيت، وهو مقر الإنسان وسكنه، سواء كان من طين أو حجارة أو خيمة أو غير ذلك، وغالب ما يراد به الطين والحجارة‏.‏

قوله‏:‏ ‏"‏قبورًا‏"‏، مفعول ثان لتجعلوا، وهذه الجملة اختلف في معناها، فمنهم من قال‏:‏ لا تجعلوها قبورًا، أي‏:‏ لا تدفنوا فيها، وهذا لا شك أنه ظاهر اللفظ، ولكن أورد على ذلك دفن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في بيته‏.‏

وأجيب عنه بأن من خصائصه ـ صلى الله عليه وسلم ـ فالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ دفن في بيته لسببين‏:‏

1- ما وري عن أبي بكر أنه سمع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول‏:‏ ‏(‏ما من نبي يموت إلا دفن حيث قبض‏)‏ ، وهذا ضعفه بعض العلماء‏.‏

2- ما روته عائشة رضي الله عنها‏:‏ ‏(‏أنه خشي أن يتخذ مسجدًا‏)‏ ‏.‏

وقال بعض العلماء‏:‏ المراد بـ ‏(‏لا تجعلوا بيوتكم قبورًا‏)‏، أي‏:‏ لا تجعلوها مثل القبور، أي‏:‏ المقبرة لا تصلون فيها، وذلك لأنه من المتقرر عندهم أن المقابر لا يصلى فيها، وأيدوا هذا التفسير بأنه سبقها جملة في بعض الطرق‏:‏ ‏(‏اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تجعلوها قبورًا‏)‏، وهذا يدل على أن المراد‏:‏ لا تدعوا الصلاة فيها‏.‏

وكلا المعنيين صحيح، فلا يجوز أن يدفن الإنسان في بيته، بل يدفن مع المسلمين، لأن هذه هي العادة المتبعة منذ عهد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى اليوم، ولأنه إذا دفن في بيته، فإنه ربما يكون وسيلة إلى الشرك، فربما يعظم هذا المكان، ولأنه يحرم من دعوات المسلمين الذين يدعون بالمغفرة لأموات المسلمين عند زيارتهم للمقابر، ولأنه يضيق على الورثة من بعده فيسأمون منه، وربما يستوحشون منه، وإذا باعوه لا يساوي إلا شيئًا قليلًا، ولأنه قد يحدث عنده من الصخب واللعب واللغو والأفعال المحرمة ما يتنافى مع مقصود الشارع، فإن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول‏:‏ ‏(‏زوروا القبور، فإنها تذكركم الآخرة‏)‏ ‏.‏

وأما أن المعنى‏:‏ لا تجعلوها قبورًا، أي‏:‏ مثل القبور في عدم الصلاة فيها، فهو دليل على أنه ينبغي إن لم نقل‏:‏ يجب أن يجعل الإنسان من صلاته في بيته ولا يخليه من الصلاة‏.‏

وفيه أيضًا‏:‏ أنه من المتقرر عندهم أن المقبرة لا يصلى فيها‏.‏

إذًا، فيكون هذا النهي عن ترك الصلاة في البيوت لئلا تشبه المقابر، فيكون فيه دليل واضح على أن المقابر ليست محلًا للصلاة، وهذا هو الشاهد من الحديث للباب، لأن اتخاذ المقابر مساجد سبب قريب جدًا للشرك‏.‏

واتخاذها مساجد سبق أن له مرتبتين‏:‏

الأولى‏:‏ أن يبني عليها مسجدًا‏.‏

الثانية‏:‏ أن يتخذها مصلى يقصدها ليصلي عندها‏.‏

والحديث يدل على أن الأفضل‏:‏ أن المرء يجعل من صلاته في بيته وذلك جميع النوافل، لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏أفضل صلاة المرء في بيته، إلا المكتوبة‏)‏ ، إلا ما ورد الشرع أن يفعل في المسجد، مثل‏:‏ صلاة الكسوف، وقيام الليل في رمضان، حتى ولو كنت في المدينة النبوية، لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال ذلك وهو في المدينة، وتكون المضاعفة بالنسبة للفرائض أو النوافل التي تسن لها الجماعة‏.‏

قوله‏:‏ ‏"‏عيدًا‏"‏، العيد‏:‏ اسم لما يعتاد فعله، أو التردد إليه، فإذا اعتاد الإنسان أن يعمل عملًا كما لو كان كلما حال عليه الحول صنع طعامًا ودعا الناس، فهذا يسمى عيدًا لأنه جعله يعود ويتكرر‏.‏

وكذلك من العيد‏:‏ أن تعتاد شيئًا فتتردد إليه، مثل‏:‏ ما يفعل بعض الجهلة في شهر رجب وهو ما يسمى بالزيارة الرجبية، حيث يذهبون إلى مكة إلى المدينة، ويزورون كما زعموا قبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإذا أقبلوا على المدينة تسمع لهم صياحًا، وكانوا سابقًا يذهبون من مكة إلى المدينة على الحمير خاصة، ولما جاءت السيارات صاروا يذهبون على السيارات‏.‏

وأيهما المراد من كلام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ الأول، أي العمل الذي يتكرر بتكرر العام، أو التردد إلى المكان‏؟‏

الظاهر الثاني، أي‏:‏ لا تترددوا على قبري وتعتادوا ذلك، سواء قيدوه بالسنة أو بالشهر أو بالأسبوع، فإنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهى عن ذلك، وإنما يزار لسبب، كما لو قدم الإنسان من سفر، فذهب إلى قبره فزاره، أو زاره ليتذكر الآخرة كغيره من القبور‏.‏

وما يفعله بعض الناس في المدينة كلما صلى الفجر ذهب إلى قبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أجل السلام عليه، فيعتاد هذا كل فجر، يظنون أن هذا مثل زيارته في حياته، فهذا من الجهل، وما علموا أنهم إذا سلموا عليه في أي مكان، فإن تسليمهم يبلغه‏.‏

قوله‏:‏ ‏"‏وصلوا علي‏"‏، هذا أمر، أي‏:‏ قولوا‏:‏ الله صل على محمد، وقد أمر الله بذلك في قوله‏:‏ ‏{‏إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 56‏]‏‏.‏

وفضل الصلاة على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ معروف، ومنه أن من صلى عليه مرة واحدة صلى الله عليه بها عشرًا ‏.‏

والصلاة من الله على رسوله ليس معناها كما قال بعض أهل العلم‏:‏ إن الصلاة من الله الرحمة، ومن الملائكة الاستغفار، ومن الآدميين الدعاء‏.‏

فهذا ليس بصحيح، بل إن صلاة الله على المرء ثناؤه عليه في الملأ الأعلى، كما قال أبو العالية وتبعه على ذلك المحققون من أهل العلم‏.‏

ويدل على بطلان القول الأول قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 157‏]‏، فعطف الرحمة على الصلوات، والأصل في العطف المغايرة، ولأن الرحمة تكون لكل أحد، ولهذا أجمع العلماء على أنه يجوز أن تقول‏:‏ فلان رحمه الله، واختلفوا‏:‏ هل يجوز أن تقول‏:‏ فلان صلى الله عليه‏؟‏

فمن صلى على محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ مرة أثنى الله عليه في الملأ الأعلى عشر مرات، وهذه نعمة كبيرة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم‏)‏، حيث‏:‏ ظرف مبني على الضم في محل نصب، ويقال فيها‏:‏ حيث، وحوث، وحاث، لكنها قليلة‏.‏

كيف تبلغه الصلاة عليه‏؟‏

الجواب‏:‏ نقول‏:‏ إذا جاء مثل هذا النص وهو من أمور الغيب، فالواجب أن يقال‏:‏ الكيف مجهول لا نعلم بأي وسيلة تبلغه، لكن ورد عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏(‏أن لله ملائكة سياحين يسيحون في الأرض يبلغون النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سلام أمته عليه‏)‏ ، فإن صح، فهذه هي الكيفية‏.‏

* * *

رواه أبو داود بإسناد حسنٍ ورواته ثقات

قوله‏:‏ ‏"‏رواه أبو داود بإسناد حسن، ورواته ثقات‏"‏، هذا التعبير من الناحية الاصطلاحية، ظاهره أن بينهما اختلافًا، ولكننا نعرف أن الحسن‏:‏ هو أن يكون الراوي خفيف الضبط، فمعناه أن فيه نوعًا من الثقة، فيجمع بين كلام المؤلف رحمه الله وبين ما ذكره عن رواية أبي داود بإسناد حسن‏:‏ أن المراد بالثقة ليس غاية الثقة لأنه لو بلغ إلى حد الثقة الغاية لكان صحيحًا لأن ثقة الراوي تعود على تحقيق الوصفين فيه، وهما‏:‏ العدالة والضبط، فإذا خف الضبط خفت الثقة، كما إذا خفت العدالة أيضًا تخف الثقة فيه‏.‏

فيجمع بينهما على أن المراد‏:‏ مطلق الثقة، ولكنه لا شك فيما أرى أنه إذا أعقب قوله‏:‏ ‏"‏حسن‏"‏ بقوله‏:‏ ‏"‏رواته ثقات‏"‏ أنه أعلى مما لو اقتصر على لفظ‏:‏ ‏"‏حسن‏"‏‏.‏

ومثل هذا ما يعبر به ابن حجر في ‏"‏تقريب التهذيب‏"‏ بقوله‏:‏ ‏"‏صدوق يهم‏"‏، وأحيانًا يقول‏:‏ ‏"‏صدوق‏"‏، وصدوق أقوى، فيكون توثيق الرجل الموصوف بصدوق أشد من توثيق الرجل الذي يوصف بأنه يهم‏.‏

لا يقول قائل‏:‏ إن كلمة يهم لا تزيده ضعفًا، لأنه ما من إنسان إلا ويهم‏.‏

فنقول‏:‏ هذا لا يصح، لأن قولهم‏:‏ ‏(‏يهم‏)‏ لا يعنون به الوهم الذي لا يخلو منه أحد ولولا أن هناك غلبة في أوهامه ما وصفوه بها‏.‏

* * *

وعن علي بن الحسين رضي الله عنه، أنه رأى رجلًا يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيدخل فيها، فيدعو، فنهاه، وقال‏:‏ ألا أحدثكم حديثًا سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال‏:‏ ‏(‏لا تتخذوا قبري عيدًا، ولا بيوتكم قبورًا، وصلوا علي، فإن تسليمكم يبلغني أين كنتم‏)‏‏.‏ رواه في ‏"‏المختارة‏"‏ ‏.‏

قوله‏:‏ ‏"‏وعن علي بن الحسين‏"‏، هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، يسمى بزيد العابدين، من أفضل أهل البيت علمًا وزهدًا وفقهًا‏.‏

والحسين معروف‏:‏ ابن فاطمة رضي الله عنها، وأبوه‏:‏ علي رضي الله عنه‏.‏

قوله‏:‏ ‏"‏يجيء إلى فرجة‏"‏، هذا الرجل لا شك أنه لم يتكرر مجيئه إلى هذه الفرجة إلا لاعتقاده أن فيها فضلًا ومزية، وكونه يظن أن الدعاء عند القبر، له مزية فتح باب ووسيلة إلى الشرك، بل جميع العبادات إذا كانت عند القبر، فلا يجوز أن يعتقد أن لها مزية، سواء كانت صلاة أو دعاء أو قراءة، ولهذا نقول‏:‏ تكره القراءة عند القبر إذا كان الإنسان يعتقد أن القراءة عند القبر أفضل‏.‏

قوله‏:‏ ‏"‏فنهاه‏"‏، أي‏:‏ طلب منه الكف‏.‏

قوله‏:‏ ‏"‏ألا أحدثكم حديثًا‏"‏، قال‏:‏ أحدثكم والرجل واحد، لان الظاهر أنه كان عند أصحابه يحدثهم، فجاء هذا الرجل إلى الفرجة‏.‏

و‏"‏ألا‏"‏‏:‏ أداة عرض، أي‏:‏ أعرض عليكم أن أحدثكم‏.‏

وفائدتها‏:‏ تنبيه المخاطب إلى ما يريد أن يحدثه به‏.‏

قوله‏:‏ ‏"‏عن أبي عن جدي‏"‏، أبوه‏:‏ الحسين، وجده‏:‏ علي بن أبي طالب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏)‏، السند متصل، وفيه عنعنة لكنها لا تضر، لأنها من غير مدلس، فتحمل على السماع‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لا تتخذوا قبري عيدًا‏)‏، يقال فيه كما في الحديث السابق‏:‏ أنه نهى أن يتخذ قبره عيدًا يعتاد ويتكرر إليه، لأنه وسيلة إلى الشرك‏.‏

قوله‏:‏ ‏"‏ولا بيوتكم قبورًا‏"‏، سبق معناه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وصلوا علي، فإن تسليمكم يبلغني حيث كنتم‏)‏، اللفظ هكذا، وأشك في صحته، لأن قوله‏:‏ ‏"‏صلوا علي‏"‏ يقتضي أن يقال فإن صلاتكم تبلغني، إلا أن يقال هذا من باب الطي والنشر‏.‏

والمعنى‏:‏ صلوا علي وسلموا، فإن تسليمكم وصلاتكم تبلغني، وكأنه ذكر الفعلين والعلتين، لكن حذف من الأولى ما دلت عليه الثانية، ومن الثانية ما دلت عليه الأولى‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏وصلوا علي‏"‏، سبق معناها، والمراد‏:‏ صلوا علي في أي مكان كنتم، ولا حاجة إلى أن تأتوا إلى القبر وتسلموا علي وتصلوا علي عنده‏.‏

قوله‏:‏ ‏"‏يبلغني‏"‏، تقدم كيف يبلغه ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏

قوله‏:‏ ‏"‏رواه في المختارة‏"‏، الفاعل مؤلف المختارة، والمختارة‏:‏ اسم الكتاب، أي‏:‏ الأحاديث المختارة‏.‏

والمؤلف هو عبد الغني المقدسي، من الحنابلة‏.‏

وما أقل الحديث في الحنابلة، يعني المحدثين، وهذا من أغرب ما يكون، يعني أصحاب الإمام أحمد أقل الناس تحديثًا بالنسبة للشافعية‏.‏

فالحنابلة غلب عليهم رحمهم الله الفقه مع الحديث، فصاروا محدثين وفقهاء، ولكنهم رحمهم الله بشر، فإذا أخذ من هذا العلم صار ذلك زحامًا للعلم الآخر، أما الأحناف، فإنهم أخذوا بالفقه، لكن قلت بضاعتهم في الحديث، ولهذا يسمون أصحاب الرأي ‏(‏يعني‏:‏ العقل والقياس‏)‏، لقلة الحديث عندهم، والشافعية أكثر الناس عناية بالحديث والتفسير، والمالكية كذلك، ثم الحنابلة وسط، وأقلهم في ذلك الأحناف مع أن لهم كتبًا في الحديث‏.‏

* * *

* فيه مسائل‏:‏

الأولى‏:‏ تفسير آية براءة‏.‏ الثانية‏:‏ إبعاده أمته عن هذا الحمى غاية البعد‏.‏

فيه مسائل‏:‏

* الأولى‏:‏ تفسير آية براءة، وسبق ذلك في أول الباب‏.‏

* الثاني‏:‏ إبعاده ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمته عن هذا الحمى غاية البعد، تؤخذ من قوله‏:‏ ‏(‏لا تجعلوا بيوتكم قبورًا، ولا تجعلوا قبري عيدًا‏)‏‏.‏

* * *

الثالثة‏:‏ ذكر حرصه علينا ورأفته ورحمته‏.‏ الرابعة‏:‏ نهيه عن زيارة قبره على وجه مخصوص مع أن زيارته من أفضل الأعمال‏.‏ الخامسة‏:‏ نهيه عن الإكثار من الزيارة‏.‏ السادسة‏:‏ حثه على النافلة في البيت‏.‏ السابعة‏:‏ أنه مقرر عندهم أنه لا يصلى في المقبرة‏.‏

* الثالثة‏:‏ ذكر حرصه علينا ورأفته ورحمته، وهذا مذكور في آية براءة‏.‏

* الرابعة‏:‏ نهيه عن زيارة قبره على وجه مخصوص، تؤخذ من قوله‏:‏ ‏(‏ولا تجعلوا قبري عيدًا‏)‏، فقوله‏:‏ ‏"‏عيدًا‏"‏ هذا هو الوجه المخصوص‏.‏

وزيارة قبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أفضل الأعمال من جنسها، فزيارته فيها سلام عليه، وحقه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أعظم من غيره‏.‏

وأما من حيث التذكير بالآخرة، فلا فرق بين قبره وقبر غيره‏.‏

* الخامسة‏:‏ نهيه عن الإكثار من الزيارة، تؤخذ من قوله‏:‏ ‏(‏لا تجعلوا قبري عيدًا‏)‏، لكنه لا يلزم منه الإكثار، لأنه قد لا يأتي إلا بعد سنة، ويكون قد اتخذه عيدًا، فإن فيه نوعًا من الإكثار‏.‏

* السادسة‏:‏ حثه على النافلة في البيت، تؤخذ من قوله‏:‏ ‏(‏ولا تجعلوا بيوتكم قبورًا‏)‏، وسبق أن فيها معنيين‏:‏

المعنى الأول‏:‏ أن لا يقبر في البيت، وهذا ظاهر الجملة‏.‏

والثاني‏:‏ الذي هو من لازم المعنى أن لا تترك الصلاة فيها‏.‏

* السابعة‏:‏ أنه متقرر عندهم أنه لا يصلى في المقبرة، تؤخذ من قوله‏:‏ ‏(‏لا تجعلوا بيوتكم قبرًا‏)‏، لأن المعنى‏:‏ لا تجعلوها قبروًا، أي‏:‏ لا تتركوا الصلاة فيها على أحد الوجهين، فكأنه من المتقرر عندهم أن المقابر لا يصلى فيها‏.‏

* * *

الثامنة‏:‏ تعليل ذلك بأن صلاة الرجل وسلامه عليه يبلغه وإن بعد، فلا حاجة إلى ما يتوهمه من أراد القرب‏.‏ التاسعة‏:‏ كونه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في البرزخ تعرض أعمال أمته في الصلاة والسلام عليه‏.‏

* الثامنة‏:‏ تعليل ذلك بإن صلاة الرجل وسلامه عليه يبلغه وإن بعد، فلا حاجة إلى ما يتوهمه من أراد القرب، أي‏:‏ كونه نهى ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يجعل قبره عيدًا، العلة في ذلك‏:‏ أن الصلاة تبلغه حيث كان الإنسان، فلا حاجة إلى أن يأتي إلى قبره، ولهذا نسلم ونصلي عليه في أي مكان، فيبلغه السلام والصلاة‏.‏

ولهذا قال علي بن الحسين‏:‏ ‏(‏ما أنت ومن في الأندلس إلا سواء‏)‏‏.‏

* التاسعة‏:‏ كونه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في البرزخ تعرض أعمال أمته في الصلاة والسلام عليه، أي‏:‏ فقط فكل من صلى عليه أو سلم عرضت عليه صلاته وتسليمه، ويؤخذ من قوله‏:‏ ‏"‏فإن تسليمكم يبلغني حيث كنتم‏"‏

* * *

باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان

سبب مجيء المؤلف بهذا الباب لدحض حجة من يقول‏:‏ إن الشرك لا يمكن أن يقع في هذه الأمة، وأنكروا أن تكون عبادة القبور والأولياء من الشرك، لأن هذه الأمة معصومة منه، لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏إن الشيطان أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم‏)‏ ‏.‏

والجواب عن هذا سبق عند الكلام على المسألة الثامنة عشرة من مسائل باب من تبرك بشجر أو حجر ونحوهما‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن بعض هذه الأمة‏)‏، أي‏:‏ لا كلها، لأن في هذه الأمة طائفة لا تزال منصورة على الحق إلى قيام الساعة، لكنه سيأتي في آخر الزمان ريح تقبض روح كل مسلم، فلا يبقى إلى شرار الناس‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏تعبد‏"‏، بفتح التاء، وفي بعض النسخ‏:‏ ‏"‏يعبد‏"‏، بفتح الياء المثناة من تحت‏.‏

فعلى قراءة ‏"‏يعبد‏"‏ لا إشكال فيها، لإن ‏"‏بعض‏"‏ مذكر‏.‏

وعلى قراءة ‏"‏تعبد‏"‏، فإنه داخل في قول ابن مالك‏:‏

وربما أكسب ثان أولًا تأنيثًا أن كان لحذف موهلا

ومثلوا لذلك قولهم‏:‏ قطعت بعض أصابعه، فالتأنيث هنا من أجل أصابعه لا من أجل بعض‏.‏

فإذا صحت النسخة ‏"‏تعبد‏"‏، فهذا التأنيث اكتسبه المضاف من المضاف إليه‏.‏

قوله‏:‏ ‏"‏الأوثان‏"‏، جمع وثن، وهو‏:‏ كل ما عبد من دون الله‏.‏

* * *

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 51‏]‏‏.‏

ذكر المؤلف في هذا الباب عدة آيات‏:‏

* الآية الأولى قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ألم تر‏}‏، الاستفهام هنا للتقرير والتعجيب، والرؤية بصرية بدليل أنها عديت بإلى، وإذا عديت بإلى صارت بمعنى النظر‏.‏

والخطاب إما للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو لكل من يصح توجيه الخطاب إليه، أي‏:‏ ألم تر أيها المخاطب‏؟‏

قوله‏:‏ ‏{‏إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ‏}‏، أي‏:‏ أعطوا، ولم يعطوا كل الكتاب، لأنهم حرموا بسبب معصيتهم، فليس عندهم العلم الكامل بما في الكتاب‏.‏

قوله‏:‏ ‏{‏نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ‏}‏ المنزل‏.‏

والمراد بالكتاب‏:‏ التوراة والإنجيل‏.‏

وقد ذكروا لذلك مثلًا، وهو كعب بن الأشرف حين جاء إلى مكة، فاجتمع إليه المشركون، وقالوا‏:‏ ما تقول في هذا الرجل ‏(‏أي‏:‏ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏)‏ الذي سفه أحلامنا ورأى أنه خير منا‏؟‏ فقال لهم‏:‏ أنتم خير من محمد، ولهذا جاء في آخر الآية‏:‏ ‏{‏وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 51‏]‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏{‏يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ‏}‏، أي‏:‏ يصدقون بهما، ويقرونهما لا ينكرونهما، فإذا أقر الإنسان هذه الأوثان، فقد آمن بها‏.‏

والجب‏:‏ قيل‏:‏ السر، وقيل‏:‏ هو الصنم، والأصح‏:‏ أنه عام لكل صنم أو سحر أو كهانة أو ما أشبه ذلك‏.‏

والطاغوت‏:‏ ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع‏.‏

فالمعبود كالأصنام، والمتبوع كعلماء الضلال، والمطاع كالأمراء، فطاعتهم في تحريم ما أحل الله، أو تحليل ما حرم الله تعد من عبادتهم‏.‏

والمراد من كان راضيًا بعبادتهم إياه، أو يقال‏:‏ هو طاغوت باعتبار عابديه، لأنهم تجاوزوا به حده، حيث نزلوه فوق منزلته التي جعلها الله له، فتكون عبادتهم لهذا المعبود طغيانًا، لمجاوزتهم الحد بذلك‏.‏

والطاغوت‏:‏ مأخوذ من الطغيان، فكل شيء يتعدى به الإنسان حده يعتبر طاغوتًا‏.‏

وجه المناسبة في الآية للباب لا يتبين إلا بالحديث، وهو ‏(‏لتركبن سنن من كان قبلكم‏)‏، فإذا كان الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت، وأن من هذه الأمة من يرتكب سنن من كان قبله يلزم من هذا أن في هذه الأمة من يؤمن بالجبت والطاغوت، فتكون الآية مطابقة للترجمة تمامًا‏.‏

* * *

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 60‏]‏‏.‏

* الآية الثانية قوله تعالى‏:‏ ‏{‏قل هل أنبئكم‏}‏، الخطاب للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ردًا على هؤلاء اليهود الذي اتخذوا دين الإسلام هزوًا ولعبًا‏.‏

وقوله‏:‏ ‏{‏أنبئكم‏}‏، أي‏:‏ أخبركم، والاستفهام هنا للتقرير والتشويق، أي‏:‏ سأقرر عليكم هذا الخبر‏.‏

قوله‏:‏ ‏{‏بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ‏}‏، شر‏:‏ هنا اسم تفضيل، وأصلها أشر لكن حذفت الهمزة تخفيفًا لكثرة الاستعمال، ومثلها كلمة خير مخففة من أخير، والناس مخففة من الأناس، وكذا كلمة الله مخففة من الإله‏.‏

وقوله‏:‏ ‏{‏ذلك‏}‏ المشار إليه ما كان عليه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه، فإن اليهود يزعمون أنهم هم الذي على الحق، وأنهم خير من الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه، وأن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه ليسوا على الحق، فقال الله تعالى‏:‏ ‏{‏قل هل أنبئكم‏}‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏{‏مثوبة عند الله‏}‏، مثوبة‏:‏ تمييز لشر، لأن شر اسم تفضيل، وما جاء بعد أفعل التفضيل مبينًا له يكون منصوبًا على التمييز‏.‏

قال ابن مالك‏:‏

اسم بمعنى من مبين نكرة ** ينصب تمييزًا بما قد فسره

إلى أن قال‏:‏

والفاعل المعنى انصبن بأفعلا ** مفضلًا كأنت أعلى منزلا

والمثوبة‏:‏ من ثاب يثوب إذا رجع، ويطلق على الجزاء، أي‏:‏ بشر من ذلك جزاء عن الله‏.‏

قوله‏:‏ ‏{‏عند الله‏}‏، أي‏:‏ في عمله وجزائه عقوبة أو ثوابًا‏.‏

قوله‏:‏ ‏{‏مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ‏}‏، من‏:‏ اسم موصول خبر لمبتدأ محذوف تقديره‏:‏ هو من لعنه الله، لأن الاستفهام انتهى عند قوله ‏{‏مثوبة عند الله‏}‏، وجواب الاستفهام‏:‏ ‏{‏مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ‏}‏ ولعنه، أي‏:‏ طرده وأبعده عن رحمته‏.‏

قوله‏:‏ ‏{‏وغضب عليه‏}‏، أي‏:‏ أحل عليه غضبه، والغضب‏:‏ صفة من صفات الله الحقيقية تقتضي الانتقام من المغضوب عليه، ولا يصح تحريفه إلى معنى الانتقام، وقد سبق الكلام عليه ‏(‏ص 418‏)‏‏.‏

والقاعدة العامة عند أهل السنة‏:‏ أن آيات الصفات وأحاديثها تجرى على ظاهرها اللائق بالله - عز وجل ـ، فلا تجعل من جنس صفات المخلوقين، ولا تحرف فتنفى عن الله، فلا نغلو في الإثبات ولا في النفي‏.‏

قوله‏:‏ ‏{‏وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ‏}‏، القردة‏:‏ جمع قرد، وهو حيوان معروف أقرب ما يكون شبهًا بالإنسان، والخنازير‏:‏ جمع خنزير، وهو ذلك ال.. الخبيث المعروف الذي وصفه الله بأنه رجس‏.‏

والإشارة هنا إلى اليهود، فإنهم لعنوا كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية ‏[‏المائدة‏:‏ 78‏]‏‏.‏

وجعلوا قردة بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 65‏]‏، وغضب الله عليهم بقوله‏:‏ ‏{‏فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 90‏]‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏{‏وعبد الطاغوت‏}‏، فيها قراءتان في ‏{‏عبد‏}‏ وفي ‏{‏الطاغوت‏}‏‏:‏

الأولى‏:‏ بضم الباء ‏{‏عبد‏}‏، وعليها تكسر التاء في ‏{‏الطاغوت‏}‏، لأنه مجرور بالإضافة‏.‏

الثانية‏:‏ بفتح الباء ‏{‏عبد‏}‏ على أنه فعل ماض معطوف على قوله‏:‏ ‏{‏لعنه الله‏}‏ صلة الموصول، أي‏:‏ ومن عبد الطاغوت، ولم يعد ‏{‏من‏}‏ مع طول الفصل، لأن هذا ينطبق على موصوف واحد، فلو أعيدت مَنْ لأوهم أنهم جماعة آخرون وهم جماعة واحدة، فعلى هذه القراءة يكون ‏{‏عبد‏}‏ فعلًا ماضيًا، والفاعل ضمير مستتر جوازًا تقديره هو يعود على ‏"‏من‏"‏ في قوله‏:‏ ‏{‏من لعنه الله‏}‏، ‏{‏الطاغوت‏}‏ بفتح التاء مفعولًا به‏.‏

وبهذا نعرف اختلاف الفاعل في صلة الموصول وما عطف عليه، لأن الفاعل في صلة الموصول هو ‏{‏الله‏}‏، والفاعل في عبد يعود على ‏"‏من‏"‏‏.‏

وعلى كل حال، فالمراد بها عابد الطاغوت‏.‏

فالفرق بين القراءتين بالباء فقط، فعلى قراءة الفعل مفتوحة، وعلى قراءة الاسم مضمومة‏.‏

والطاغوت على قراءة الفعل في ‏{‏عبد‏}‏ تكون مفتوحة ‏{‏عبد الطاغوت‏}‏، وعلى قراءة الاسم تكون مكسورة بالإضافة ‏{‏عبد الطاغوت‏}‏‏.‏

وذكر في تركيب ‏{‏عبد‏}‏ مع ‏{‏الطاغوت‏}‏ أربع وعشرون قراءة، ولكنها قراءات شاذة غير القراءتين السبعيتين ‏{‏عَبَدَ‏}‏ ‏{‏عَبُدَ‏}‏‏.‏

* * *

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا‏}‏ ‏[‏الكهف‏:‏ 21‏]‏‏.‏

* الآية الثالثة قوله تعالى‏:‏ ‏{‏قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا‏}‏، هذه الآية في سياق قصة أصحاب الكهف، وقصتهم عجيبة، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا‏}‏ ‏[‏الكهف‏:‏ 9‏]‏، وهم فتية آمنوا بالله وكانوا في بلاد شرك، فخرجوا منها إلى الله - عز وجل ـ، فيسر الله لهم غارًا، فدخلوا فيه، وناموا نومة طويلة بلغت ‏{‏وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا‏}‏ ‏[‏الكهف‏:‏ 25‏]‏ وهم نائمون لا يحتاجون إلى أكل وشرب، ومن حكمة الله أن الله يقلبهم ذات اليمين وذات الشمال حتى لا يترسب الدم في أحد الجانبين، ولما خرجوا بعثوا بأحدهم إلى المدينة ليشتري لهم طعامًا، وآخر الأمر أن أهل المدينة اطلعوا على أمرهم، وقالوا‏:‏ لابد أن نبني على قبورهم مسجدًا‏.‏

وقوله‏:‏ ‏{‏قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ‏}‏، المراد بهم‏:‏ الحكام في ذات الوقت قالوا مقسمين مؤكدين‏:‏ ‏{‏لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا‏}‏، وبناء المساجد على القبور من وسائل الشرك كما سبق‏.‏

* فوائد الآيات السابقة‏:‏

من فوائد الآية الأولى ما يلي‏:‏

1- أن من العجب أن يعطى الإنسان نصيبًا من الكتاب ثم يؤمن بالجبت والطاغوت‏.‏

2- أن العلم قد لا يعصم صاحبه من المعصية، لأن الذين أوتوا الكتاب آمنوا بالكفر، والذي يؤمن بالكفر يؤمن بما دون من المعاصي‏.‏

3- وجوب إنكار الجبت والطاغوت، لأن الله تعالى ساق الإيمان بهما مساق العجب والذم، فلا يجوز إقرار الجبت والطاغوت‏.‏

4- ما ساقها المؤلف من أجله أن من هذه الأمة من يؤمن بالجبت والطاغوت لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏لتركبن سنن من كان من قبلكم‏)‏ ، فإذا وجد في بني إسرائيل من يؤمن بالجبت والطاغوت، فإنه سيوجد في هذه الأمة أيضًا من يؤمن بالجبت والطاغوت‏.‏

* ومن فوائد الآية الثانية ما يلي‏:‏

1- تقرير الخصم والاحتجاج عليه بما لا يستطيع إنكاره، بمعنى أنك تحتج على خصمك بأمر لا يستطيع إنكاره فإن اليهود يعرفون بأن فيهم قومًا غضب الله عليهم ولعنهم وجعل منهم القردة والخنازير، فإذا كانوا يقرون بذلك وهم يستهزئون بالمسلمين، فنقول لهم‏:‏ أين محل الاستهزاء‏؟‏‏!‏ الذين حلت عليهم هذه العقوبات أم الذين سلموا منها‏؟‏

والجواب‏:‏ الذين حلت بهم العقوبة أحق بالاستهزاء‏.‏

2- اختلاف الناس بالمنزلة عند الله، لقوله‏:‏ ‏{‏بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ‏}‏، ولا شك أن الناس يختلفون بزيادة الإيمان ونقصه وما يترتب عليه من الجزاء‏.‏

3- سوء حال اليهود الذي حلت بهم هذه العقوبات من اللعن والغضب والمسخ وعبادة الطاغوت‏.‏

4- إثبات أفعال الله الاختيارية، وأنه سبحانه يفعل ما يشاء، لقوله‏:‏ ‏{‏لعنه الله‏}‏، فإن اللعن من صفات الأفعال‏.‏

5- إثبات الغضب لله، لقوله‏:‏ ‏{‏وغضب عليه‏}‏‏.‏

6- إثبات القدرة لله، لقوله‏:‏ ‏{‏وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ‏}‏‏.‏

وهل المراد بالقردة والخنازير هذه الموجودة‏؟‏

والجواب‏:‏ لا، لما ثبت في ‏"‏صحيح مسلم‏"‏ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏أن كل أمة مسخت لا يبقى لها نسل‏)‏ ، وإن القردة والخنازير كانوا قبل ذلك، وعلى هذا، فليس هذا الموجود من القردة والخنازير هو بقية أولئك الممسوخين‏.‏

7- أن العقوبات من جنس العمل، لأن هؤلاء الذين مسخوا قردة، والقرد أشبه ما يكون شبهًا بالإنسان، فعلوا فعلًا ظاهره الإباحة والحل وهو محرم، وذلك أنه حرم عليهم الصيد يوم السبت ابتلاء من الله، فإذا جاء يوم السبت امتلأ البحر بالحيتان، وظهرت على سطح الماء، وفي غيره من الأيام تختفي ولا يأتي منها شيء، فلما طال عليهم الأمد صنعوا شباكًا، فصاروا ينصبونها في يوم الجمعة ويدعون الحيتان تدخل فيها يوم السبت، فإذا أتى يوم الأحد أخذوها، وهذه حيلة ظاهرها الحل، ولكن حقيقتها ومعناها الوقوع في الإثم تمامًا، ولهذا مسخوا إلى .. يشبه الإنسان وليس بإنسان، وهو القرد، قال تعالى‏:‏ ‏{‏كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 65‏]‏، وهو يفيد أن الجزاء من جنس العمل، ويدل عليه صراحة قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ‏}‏ ‏[‏العنكبوت‏:‏ 40‏]‏‏.‏

8- أن هؤلاء اليهود صاروا يعبدون الطاغوت، لقوله‏:‏ ‏{‏وعبد الطاغوت‏}‏، ولا شك أنهم حتى الآن يعبدونه، لأنه عبدوا الشيطان وأطاعوه وعصوا الله ورسوله‏.‏

9- وفي الآية نكت نحوية في قوله‏:‏ ‏{‏عليه‏}‏ و‏{‏منهم‏}‏ في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ‏}‏، فالضمير في ‏{‏لعنه‏}‏ الهاء، و‏{‏غضب عليه‏}‏ مفرد، و‏{‏منهم‏}‏ جمع، مع أن المرجع واحد، وهو ‏{‏من‏}‏‏.‏

والجواب‏:‏ أنه روعي في الإفراد اللفظ، وفى الجمع المعنى، وذلك أن ‏{‏من‏}‏ اسم موصول صالحه للمفرد وغيره، قال ابن مالك‏:‏

ومن وما وأل تساوي ما ذكر

لما ذكر الأسماء الموصولة من المفرد والمثنى والجمع من مذكر ومؤنث قال‏:‏ ومن وما‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ‏.‏

وقال‏:‏ ‏{‏مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ‏}‏، ولم يقل‏:‏ وجعلهم قردة، لان اللعن والغضب عام لهم جميعًا، والعقوبة بمسخهم إلى قردة وخنازير خاص ببعضهم، وليس شاملًا لبني إسرائيل‏.‏

* ومن فوائد الآية الثالثة ما يلي‏:‏

1- ما تضمن سياق هذه الآية من القصة العجيبة في أصحاب الكهف وما تضمنته من الآيات الدالة على كمال قدرة الله وحكمته‏.‏

2- أن من أسباب بناء المساجد على القبور الغلو في أصحاب القبور، لأن الذين غلبوا على أمرهم بنوا عليهم المساجد، لأنهم صاروا عندهم محل الاحترام والإكرام غلوا فيهم‏.‏

3- أن الغلو في القبور وإن قل قد يؤدي إلى ما هو أكبر منه، ولهذا قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لعلي حين بعثه‏:‏ ‏(‏ألا تدع قبرًا مشرفًا إلا سويته‏)‏ ‏.‏(الشيخ محمد بن صالح العثيمين)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المتوكل
عضو ذهبي
عضو ذهبي
المتوكل


باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2) Saudi_aC
عدد المساهمات : 1546
نقاط : 3945
باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2) Qq20s3
باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2) 14189276158383104649
تاريخ التسجيل : 14/09/2010
العمر : 47
المزاج : رائع

باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2) Empty
مُساهمةموضوع: رد: باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2)   باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2) I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 10, 2010 9:12 pm

جزااااااااك الله خيرا

باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2) 542812 لك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ندى
مدير المنتدى
مدير المنتدى
ندى


باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2) 3dflag21
عدد المساهمات : 3635
نقاط : 8402
باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2) Qq20s3
باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2) FNG10018
تاريخ التسجيل : 12/09/2010
العمر : 34
المزاج : رايقـــة

باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2) Empty
مُساهمةموضوع: رد: باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2)   باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2) I_icon_minitimeالخميس نوفمبر 11, 2010 12:54 am

باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2) Qatarya_P7q3HgAuE4
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
shaban
نائب المدير
نائب المدير
shaban


باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2) 3dflag10
عدد المساهمات : 4132
نقاط : 10850
باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2) Qq20s3
باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2) 13081856540638849130
باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2) 14189276158383104649

تاريخ التسجيل : 14/09/2010
العمر : 45

باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2) Empty
مُساهمةموضوع: رد: باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2)   باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2) I_icon_minitimeالخميس نوفمبر 11, 2010 12:58 am

المتوكل كتب:
جزااااااااك الله خيرا

باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2) 542812 لك

باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2) 243714
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
shaban
نائب المدير
نائب المدير
shaban


باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2) 3dflag10
عدد المساهمات : 4132
نقاط : 10850
باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2) Qq20s3
باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2) 13081856540638849130
باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2) 14189276158383104649

تاريخ التسجيل : 14/09/2010
العمر : 45

باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2) Empty
مُساهمةموضوع: رد: باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2)   باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2) I_icon_minitimeالخميس نوفمبر 11, 2010 12:58 am

ندى كتب:
باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2) Qatarya_P7q3HgAuE4

باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2) 243714
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(2)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(1)
» باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جناب التوحيد من شرح كتاب التوحيد(3)
» صفحات من هدي المصطفى صل الله عليه وسلم (1)
» صفحات من هدي المصطفى صل الله عليه وسلم (2)
» صفحات من هدي المصطفى صل الله عليه وسلم (3)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
القلب الصادق :: المنتدى الاسلامى :: القلب الصادق الاسلامي-
انتقل الى: